تنبشُ الفتاة ملاك الريفي في ركام منزلها المُدمر، تبحث بلهفة بين أكوام الحجارة عن قصاصات ورقية كانت تخطُ عليها قصائد وخواطر شعرية وقصص أدبية، علَّها تعثر على ما تبقى من تلك القصاصات، وبعد جهد جهيد عثرت على جزء يسير من خواطرها واشعارها وقصصها، بينما فقدت الجزء الأكبر الذي رثته بدموع عينيها.
ملاك الريفي الشاعرة التي لم تتجاوز عامها الثامن عشر لم تكن تتوقع في أسوأ كوابيسها أنْ يلفها الحزن بتلك الطريقة الموحشة؛ حتى باتت قصائدها الشعرية تركز على حياة القهر والنزوح والفقد والدمار من جراء العدوان المتواصل على الفلسطينيين في قطاع غزة.
ملاك التي كانت تشعر بحالةِ الأنس في غرفتها الصغيرة المتواضعة المليئة بقصاصات الورق الملون والتي دونت عليها خواطرها عن الأمل والحب والتحدي، تلك الغرفة التي تحولت أثراً بعد عين بفعل غارة إسرائيلية مجنونة حاقدة دكت منزل عائلتها، تقول ملاك: "الحرب تركت لنا واقعاً نفسياً مدمراً، لعنة الحرب أصابت قلوبنا ومشاعرنا وعقولنا قبل ان تضرب وتدمر بيوتنا".
ملاك الريفي تتحدث عن طموحاتها التي كانت ترسمها قبل الحرب، فتقول تجلس فوق بيتها المدمر: "كنت ادرس واستعد لامتحانات التوجيهي فجاءت الحرب وأوقفت الدراسة، كنت أنوي ان اتعلم الأدب وأنْ ادرس تخصص الترجمة، لعلني أستطيع ان اخدم بلدي فلسطين عبر مخاطبة العالم بلغتهم، واتحدث لهم عن مظلومية شعبي".
"كنت وما أزال أحلم ان أكون شاعرة كبيرة، ليس من باب تحقيق رضى ذاتي، وانما من لأنقل معاناة شعبي عبر أشعاري"، تقول ملاك عن أحلامها طموحاتها.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
ولأن "الشاعر ابن بيئته" كما يقول شكسبير، باتت ملاك الريفي تعكس واقع مجتمعها الذي يعيش حياة التشريد والنزوح من جانب، ويعيش حالة من التضحية والفداء من جانبٍ آخر، فهي تكتب عن الخيمة والنزوح والمجاعة، وعلى جانب آخر تكتب عن البطولة والتضحية ومقارعة قوات الاحتلال.
لم تنسَ ملاك الريفي قضيتها المقدسة العادلة فلسطين، فدونت بعد قصف منزلها سلسلة من القصائد التي تغزلت بها عن "القدس والاقصى"، وكان أيضاً لزعماء الوطن العربي نصيب من هجائها مستنكرة عليهم حياة الذل والخنوع في ظل الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.
تعود ملاك الريفي إلى حالة التحدي رغم الألم الذي أصابها، فتقول: رغم كل ما اصابني سأظل اتمسك بأحلامي واحاول تحقيقها، فلسطين تستحق ذلك وأكثر، فلسطين دُرة ثمينة والثمين يجب ان ندفع له كل ثمين".