كان الشقيقان معين وسعد أبو جاسر، في الخمسينيات من عمرهما، من مخيم جباليا، يحاولان الوصول إلى منزلَيهما في منطقة مسجد "التوبة" عندما استهدفتهما طائرة إسرائيلية مسيّرة بصاروخ أدى إلى استشهادهما على الفور، بحسب رواية شهود عيان كانا على تواصل معهما قبيل استشهادهما.
وقال "أبو عماد"، أحد الأقرباء: "يبدو أن قوات الاحتلال كانت تراقب حركتهما، وقد عمدت إلى قتلهما لأنهما كانا يحاولان العودة إلى منزلَيهما".
يذكر أن قوات الاحتلال، التي تواصل عدوانها على مخيم جباليا وبيت لاهيا منذ نحو شهر، أخلت غالبية المناطق من أصحابها بشكل قسري وتمنع المواطنين من العودة إلى المناطق، حتى بعد تخفيض حدة القصف فيها.
"لم يقصدا إعادة السكن فيهما، فمنزلاهما متضرران بسبب القصف المدفعي ولا يصلحان للسكن"، قال "أبو عماد".
وأضاف: هما حاولا فقط تفقد المنزل والأثاث، ومعرفة ما إذا من الممكن عودة أسرتَيهما إليه، لكن صاروخ الاحتلال كان لهما بالمرصاد فقتلهما على الفور.
ويجسد الشقيقان "أبو جاسر" حالة آلاف الأسر التي نزحت من منازلها تحت وقع القصف ولجأت إلى منازل ومراكز إيواء بديلة في مدينة غزة، خلال الأسابيع الأربعة الماضية، فيما يتوقان للعودة إلى مناطقهما، وعدم الرغبة في النزوح باتجاه جنوب القطاع.
محاولات الشقيقَين "أبو جاسر" العودة أو تفقد المنزل لم تكن الأولى في جباليا، بل هي حلقة في سلسلة استهدافات قامت بها قوات الاحتلال للكثير من المواطنين الذين يحاولون العودة إلى منازلهم أو تفقدها.
وقالت مصادر محلية وشهود: "نسمع عن الكثير من استهدافات بالقصف الجوي أو إطلاق نار من طائرات "كواد كابتر"، مؤكدين أن غالبيتها لمواطنين يقومون بمحاولة الوصول إلى مناطق سكناهم وتفقد ممتلكاتهم.
وأوضح "أبو لبيب"، أحد الشهود من منطقة السوق في مخيم جباليا: يقوم شبان بالتسلل خفية عن الطائرات والتنقل بحذر من منزل إلى آخر للوصول للمنازل وتفقد سبل العيش في مناطقهم في المخيم.
وأضاف: "إن غالبية محاولات هؤلاء تبوء بالفشل حيث يتم فقد الاتصال بهم، ولا ينجح سوى قلة والذين يعودون أدراجهم بسبب انعدام فرص العيش".
وسرد "أبو لبيب" بعضاً من تفاصيل استهداف مجموعة من المواطنين كانوا في طريقهم لمنطقة "الفالوجا" عقب سماعهم عن انسحاب قوات الاحتلال منها بصاروخ، ما تسبب باستشهادهم على الفور.
وأضاف: إن عمل الدفاع المدني والإسعاف متعطل قسراً في مناطق شمال القطاع، حيث يُعتقد أن جثامينهم لا تزال في مكان استشهادهم حتى اليوم.
يشار إلى أن قوات الاحتلال تقوم بفصل مخيم جباليا والمناطق التي تجاوره من جهتَي الشرق والغرب عن مدينة غزة، عبر تموضع الآليات والدبابات على طول حدود المخيم الجنوبية، فيما تحكم سيطرتها العسكرية الجوية عبر حركة الطائرات، لا سيما "كواد كابتر" التي تستهدف المواطنين وترقب حركتهم.
ونشرت وسائل إعلام عبرية عن احتمال عدم السماح للسكان النازحين في مدينة غزة بالعودة إلى مخيم جباليا، في حال أعلن الجيش عن انتهاء عملتيه العسكرية في جباليا، والإبقاء على تواجد الآليات والدبابات لفصل المخيم عن مدينة غزة.
وقالت مصادر محلية ومطلعة: "لا توجد حياة في غالبية مناطق مخيم جباليا فلا ماء ولا طعام، ولا علاج في المستشفيات، بل توجد أشكال متنوعة من إطلاق نار والصواريخ والموت والدمار، ويعيش قلة من المواطنين بظروف قاسية أقرب إلى الموت من الحياة.