قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن السلطة الفلسطينية تحاول من خلال عملية جنين أن تثبت قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة التي تسيطر عليها في الضفة الغربية، سعيًا إلى حكم قطاع غزة بعد الحرب.
ورصد مراسلو الصحيفة يوم الاثنين مشاهدًا داخل مخيم جنين، حيث كان المقاومون يشقون طريقهم عبر شبكة من دوريات أجهزة أمن السلطة المسلحة والحواجز المرتجلة، وعند نقطة تقاطع حيث تم زرع متفجرات محلية الصنع، صرخ أحد المسلحين قائلاً: "احذروا".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المشاهد بدت وكأنه رد على غارة عسكرية إسرائيلية على هذه المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية، مركز جيل جديد من النضال الفلسطيني.
وأكدت أنه مع بدء عملية السلطة في جنين ضد المقاومين، كانت طائرة إسرائيلية بدون طيار تحلق في سماء مخيم جنين
وأضاف التقرير أنه رغم مرور أسبوعين على الحملة الأمنية للسلطة، لا يزال المقاومون يتجولون بحرية في مخيم جنين، على الرغم من بيانات السلطة التي تؤكد على السيطرة واستسلام عدد من المقاومين.
ونقلت عن مسؤول فلسطيني مقرب من رئيس السلطة محمود عباس، طلب عدم الكشف عن هويته، أن عباس قرر أن السلطة "ستفرض سلطتها ولا عودة إلى الوراء".
وتابعت الصحيفة أن الغضب الشعبي تجاه أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية مرتفع للغاية، وتعمل هذه الأجهزة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مما يحد من قدرتها على التدخل لوقف عنف المستوطنين أو الغارات العسكرية القاتلة.
وأشارت إلى أن العديد من الفلسطينيين يرون أن أجهزة أمن السلطة تعمل لصالح "إسرائيل"، وتُستخدم كأداة للرئيس محمود عباس في قمع المعارضة الداخلية وتعزيز الفساد.
وأوضحت واشنطن بوست أن أجهزة أمن السلطة تعتبر من بين آخر الخيوط التي تربط اتفاقات أوسلو، الموقعة في تسعينيات القرن الماضي لإنشاء دولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس المحتلة. لكن مع مرور العقود، وسّعت "إسرائيل" سيطرتها على الضفة الغربية، مما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة أن السنوات الأخيرة شهدت نشوء مجموعات فلسطينية مقاومة تتصدى للغارات الإسرائيلية وتشن هجمات ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.
وأشارت الصحيفة، نقلًا عن تقارير محلية، ان قوات السلطة قتلت 13 فلسطينيًا، بينهم ثمانية في جنين، منذ بداية حرب الابادة ضد قطاع غزة في الـ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونقلت الصحيفة عن فراس أبو الوفا، أمين سر حركة فتح في جنين، أن وجهاء محليين، بينهم آباء لمقاتلين فلسطينيين قتلوا برصاص قوات الاحتلال، حاولوا التوسط للتوصل إلى هدنة بين المقاومة وأجهزة أمن السلطة، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت تقديم تنازلات.
وبحسب تهاني مصطفى، المحللة الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل، إن العملية "ستؤدي بالتأكيد إلى نزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية وقاعدتها الشعبية في حركة فتح"، لكن وجود السلطة ليس مهددا، لأنها تعتمد على الغرب، وليس شعبها، للحصول على التمويل