غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

براءة أطفال بلا آفاق

"في يوم العمال العالمي".. أعمال مضنية وطفولة مدفونة في غزة

عمالة الأطفال - عمال - اطفال غزة - يوم العمال العالمي
شمس نيوز - مطر الزق

يجلس الطفل محمد منية بشكل يومي على كرسي صغير في إحدى زوايا مفترق السرايا وسط مدينة غزة، يصرخ بأعلى صوته "ميَّة ساقعة بشيكل"، يلتف حوله الكبار والصغار للشراء، يستمر على هذا النحو لأكثر من 6 ساعات متواصلة، فهو لا يعرف الكلل أو الملل في ظل استمرار حرب الابادة الجماعية وحاجة أسرته الماسة للطعام والشراب.

تبدأ رحلة الطفل منية (11 عاما) منذ اللحظة الأولى لسقوط أشعة الشمس على الأرض، فلا يتجه للمدرسة أو المتنزهات أو الأماكن الترفيهية أو يمارس طفولته البريئة مع أشقائه كأطفال العالم، إنما يسعى للبحث عن مصدر رزق له ولأسرته النازحة تحت نيران الاحتلال وقنابله المتفجرة.

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قال في بيان له: "إن معدل البطالة في قطاع غزة بلغ 68 ‎%‎ خلال الربع الأخير من العام 2024، مقارنة بـ31‎%‎ في الضفة الغربية.

وأوضح الجهاز في تقرير بمناسبة يوم العمال العالمي أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت من 45‎%‎ في الربع الثالث من العام 2023، فيما انخفضت نسبة المشاركة في القوى العاملة إلى نحو 30‎%‎ مقابل 40‎%‎ قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023.

ومع فقدان الطفل لكل أشكال الترفيه فهو أيضا يُحرم من إجازات العمل السنوية، ففي هذا اليوم يحتفل الأباء والأمهات مع أبنائهم في جميع دول العالم باجازة يوم "العمال العالمي"، إلا أن الطفل منية وغيره عشرات الآلاف من أطفال غزة يعملون ليل نهار لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم.

وأمام الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع غزة منذ نحو 19 شهرا من حرب ابادة إسرائيلية حصدت أرواح أكثر من 52 ألف مواطن غزي غالبيتهم من الأطفال والنساء تحول الطفل منية من طالب مدرسة إلى عامل يقضي جل وقته تحت أشعة الشمس الحارقة لتوفير قوت يومه.

تجول عيني الطفل بين المشترين، فيما بدأ جبينه يقطر عرقا، اذ يقول لمراسل "شمس نيوز": "كنا نقرأ وندرس كغيرنا من طلاب العالم، ووالدي يعمل ويوفر لنا الطعام والشراب ونشعر بالراحة والسكينة؛ ولكن منذ بداية الحرب انقلبت حياتنا رأسا على عقب، بيتنا دمر ونزحنا عشرات المرات، والدي أصيب، جيراني وأصدقائي استشهدوا".

بحرقة أصابت قلبه يشير الطفل منية إلى أن مدرسته قصفت ودمرت بالكامل ولم يعد له أمل في حياة كريمة، لافتا إلى أن أهم شيء في حياته الآن هو العمل وتوفير الأموال لشراء الطعام والشراب إن توفر".

يخرج الطفل منية من خيمته وسط مدينة غزة في الساعة الثامنة صباحا باحثا عن مياه مثلجة لبيعها في ظل ارتفاع الحرارة، ويعمل في أوقات أخرى لبيع حزمة من "البقدونس أو الجرادة"، ويعود لأسرته بعد نحو 6 ساعات من العمل المضني.

وعن الصعوبات التي تواجه الطفل منية يقول: "أشعر بالخوف لاسباب متعددة أولا انا طفل فلا أستطيع العمل وحمل كميات كبيرة من المياه أو البقدونس والجرادة، ثانيا اخشى من الاستهداف الإسرائيلي فالقصف عشوائي وبدون انذار واخشى الموت دون أن تعرفني أمي أو أحد من أسرتي".

وعن اجازة العمال في هذا اليوم أضاف الطفل: "أنا لا أعرف إن كان هناك إجازة أصلا أنا فقط أريد أن أكل وأشرب مع أسرتي المكونة من 6 أفراد".

بينما يقول أبو محمد حليوة لمراسلنا: "إن شريحة العمال هي الأكثر تضررا من هذه الحرب وتداعياتها، لافتا إن العمال قبل الحرب كانوا يجدون صعوبة في الوصول للعمل وتوفير لقمة العيش، وفي الحرب بات هناك صعوبة مضاعفة ومسؤوليات أكبر".

وأضاف حليوة: "تداعيات الحرب فرضت على رب الأسرة سواء كان رجلا أو طفلا أعباء كبيرة من توفير خيمة تأويه وأسرته إلى توفير المياه والحطب، ومستلزمات البقاء على قيد الحياة".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وأشار إلى أن المعيشة خلال الحرب صعبة جدا الأسعار مرتفعة، البضائع غير متوفرة، وهذا الأمر فرض على مثير من الناس البحث عن عمل حتى وإن كان داخل مكب النفايات لإطعام أطفاله.

وعبر حليوة عن حزنه لأن يوم العمال العالمي جاء في ظروف صعبة، متمنيا أن يأتي العام القادم وقد انتهت حرب الابادة القاتلة وعاد الناس إلى أعمالهم.

وفي السياق ذاته أكد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة أن يوم العمال العالمي "الأول من أيار" يأتي هذا العام ليذكر العالم بالمأساة الكارثية التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون في غزة، لافتا، إلى أن مئات الآلاف من العمال فقدوا وظائفهم.

وقال الاتحاد العام في بيان نشره بمناسبة يوم العمال العالمي: "في وقت ينظم عمال العالم احتفالات ابتهاجا بهذا اليوم، يعيش عمال غزة واقعًا كارثيًا، في ظل شن الاحتلال الإسرائيلي حربًا دموية أبادت كافة القطاعات العمالية، فقتل آلاف العمال وهدم بيوتهم وأماكن عملهم وشردهم، ودمر الاقتصاد الفلسطيني بشكل كامل".

وطالب  الاتحادات العمالية العربية والدولية بتحويل يوم العمال العالمي إلى يوم نصرة لعمال غزة ولقضية شعبهم الذي يتعرض للإبادة والتعذيب والتنكيل والقصف المدمر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتنظيم الاعتصامات والمظاهرات الرافضة لحرب الإبادة والداعية لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم.

وشدد بأن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق عمال غزة، تستدعي محاكمة عادلة لمجرمي الحرب، لإحقاق العدالة الإنسانية، وإننا نثمن في هذا الصدد كل المواقف ومذكرات الاعتقال الصادرة بحق قادة الاحتلال، وندعو لتطبيقها على أرض الواقع لمحاسبة المجرمين على جرائمهم.