شمس نيوز / عبدالله عبيد
حاولت فصائل المقاومة الفلسطينية في السنوات الأخيرة، سيما حركة المقاومة الإسلامية حماس استغلال العديد من الظروف الميدانية في الضفة الغربية، الناتجة عن التصرفات الإرهابية للمستوطنين والاحتلال بشكل عام من أجل إشعال انتفاضة، لكنها في كل مرة كانت تصطدم بالواقع الأمني والسياسي في الضفة الغربية وخصوصيته وعدم تشجع قيادة السلطة الفلسطينية على ذلك.
ومع التغييرات النظرية التي طرأت على العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة مؤخراً، بات الواقع في الضفة أكثر ميولاً وملائمة وقبولاً لاندلاع انتفاضة جديدة، خصوصاً بعد عملية مستوطنة "ايتمار".
وقتل مستوطنان إسرائيليان وأصيب آخران في عملية طعن وإطلاق نار قرب المسجد الأقصى، نفذها الشاب الفلسطيني مهند الحلبي، من سكان مدينة البيرة، والذي استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي.
واستشهد الشاب فادي علون من قرية العيسوية فجر الأحد قرب باب العامود في القدس المحتلة بعد أن أطلق عليه جنود الاحتلال النار بشكل مباشر وبدم بارد، في أعقاب طعنه لأحد المستوطنين وإصابته بجراح متوسطة، كما هاجم الاستشهادي أمجد الجندي جنديا إسرائيليا في كريات قات جنوب تل أبيب.
وكان مستوطن وزوجته قد قتلا في عملية إطلاق نار بالقرب من بيت فوريك، شرق مدينة نابلس قبل أسبوعين.
حق طبيعي ومشروع
فصائل فلسطينية أجمعت على أن الانتفاضة الثالثة قد بدأت فعلياً، ولا يستطيع أحد إخمادها أو وقفها، مشددين على أنها انتفاضة الكل الفلسطيني بكافة فصائله.
حركة حماس، أكدت دعمها للمقاومة الفلسطينية في انتفاضتها بالقدس والضفة الغربية، داعية السلطة الفلسطينية لوقف التنسيق الأمني وكف يدها عن المقاومة، وضرورة الدفاع عن شعبنا الفلسطيني.
وأكد القيادي في حماس، اسماعيل رضوان لـ"شمس نيوز"، أن كل التهديدات التي يوجهها الاحتلال لن تكسر شوكة شعبنا الفلسطيني، منوهاً في الوقت ذاته إلى أنه في حال مس المسجد الأقصى بأي سوء لن ينعم الاحتلال بالأمن ولا بالأمان.
وحول نقل المقاومة في غزة المعركة إلى الضفة الغربية، بيّن رضوان أنه "في أي مكان يوجد الاحتلال توجد المقاومة، وهذا أمر طبيعي ومشروع".
وشدد على أن ما يحصل سببه جرائم الاحتلال المتواصلة وتدنيسه للمقدسات، مؤكداً أن الاحتلال جريمة ضد الإنسانية وضد شعبنا الفلسطيني.
معركة الكل الفلسطيني
أما حركة الجهاد الإسلامي وعلى لسان المتحدث باسمها، داوود شهاب، فقد اعتبرت أن المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله، هي معركة كل الشعب بفصائله ومقاومته.
وقال شهاب في حديث لـ"شمس نيوز": اليوم من يخوض هذه المواجهات هم أبناء الشعب الفلسطيني على اختلاف مسمياتهم وألوانهم"، مشدداً على أن هذه معركة للكل الفلسطيني و"لن يكون طرف واحد قادرا على أن يخوض هذه المعركة أو هذه المواجهة دون الآخر".
وأكد أن ما يحصل في الضفة الغربية والقدس عدوان شامل استوجب الرد الفلسطيني السريع، داعياً أبناء الأمتين العربية والإسلامية للتحرك الحقيقي والجاد والعاجل؛ من أجل إنقاذ مدينة القدس، "لأن معركة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك ليست مسؤولية تقع على عاتق الفلسطينيين وحدهم، بل على كل المسلمين"، حسب تعبيره.
وأعرب الناطق الرسمي باسم الجهاد الإسلامي، عن استغرابه من صمت منظمة التعاون الإسلامي، التي لم تجتمع بعد من أجل دراسة التهديدات الإسرائيلية والهجمة الشرسة على المسجد الأقصى، وبحث سبل تعزيز صمود الفلسطينيين والمقدسيين في المسجد الأقصى وفي القدس وأكناف بيت المقدس.
وكان المجلس الأمني المصغر (الكابينت)، قد اجتمع مساء الاثنين الماضي، لاتخاذ قرارات لمواجهة الهبة الشعبية في الضفة والقدس المحتلة.
كما ونظّم المستوطنون مظاهرة يشارك فيها الآلاف أمام منزل نتنياهو، مطالبين إياه بتوفير الأمن لهم وأن يمنحهم المزيد من رخص البناء الاستيطاني.
لا يستطيع إخمادها
من جهته، أكد أبو مجاهد، الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية، أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قد انطلقت ولا يستطيع أن يخمدها أو يوقفها أحد، منوهاً إلى أنها انتفاضة الكل الفلسطيني بكافة إمكانياته وقدراته.
وقال أبو مجاهد لـ"شمس نيوز": هذه انتفاضة السلطة والشعب والفصائل، وعلى الجميع أن يكون ظهيراً لها، وأن يقدم كل الأوجه والأشكال المتاحة في كافة إمكانيات وقدرات هذا الجهد الفلسطيني لحماية هذه الانتفاضة".
وأضاف: لا يمكن أن نتحدث عن الضفة الغربية والقدس والـ 48 بعيداً عن قطاع غزة، فكل منهم محور متواصل بالآخر، وبالتالي نعيش وحدة مع بعضنا البعض"، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني أمام انتفاضة ثالثة ستُجني ثمارها في معركة التحرير القادمة، بحسب أبو مجاهد
وشدد على أنه "لا يمكن ترك شعبنا وأهلنا في الضفة الغربية يُستفرد بهم من قبل قطعان المستوطنين وهذه الحكومة المتطرفة"، مجدداً تأكيده أن المعركة متواصلة في كل مكان وهي معركة الكل الفلسطيني.
نقل المعركة
من جهته، يرى الكاتب الصحفي، عيسى سعدالله أن حركة حماس ومنذ زمن ليس بقريب تسعى جاهدة وبكل قوة إلى نقل المعركة العسكرية للضفة الغربية؛ للتخفيف عن جبهة غزة التي تعرضت منذ بداية سيطرتها على الحكم منذ ثماني سنوات لثلاثة حروب طاحنة.
وقال سعدالله لـ"شمس نيوز": هذا الأمر ليس سراً، فقد جهر به كثير من قيادات حركة حماس بالمطالبة والدعوة لإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية، باعتبارها أرض المعركة الحقيقية مع الاحتلال"، عازياً ذلك إلى عدة أسباب.
وأضاف: أمور عديدة تريدها حركة حماس من فتح جبهة الضفة، أولها التخفيف عن جبهة غزة التي دفعت ثمناً باهظاً خلال السنوات الماضية، ومروراً بالرغبة في إحراج السلطة وأخيراً الحفاظ على مشروعية وديمومة المقاومة العسكرية، وإرضاءً للعسكريين الذين يلحون ويفضلون دائماً العمل العسكري."