مقال: اسماعيل ياشا
الشبكة العربية للأبحاث والنشر قامت بتنظيم معرض للكتاب العربي في إسطنبول. ومنذ افتتاحه يوم الجمعة قبل الماضي في فرع رابطة كتاب تركيا بمنطقة سلطان أحمد التاريخية لقي المعرض اهتماما كبيرا سواء من العرب المقيمين في إسطنبول أو من الأتراك الذين يتحدثون العربية أو يتعلمونها.
هذا المعرض الأول من نوعه في تركيا أقيم في “مدرسة كزلار آغاسي مهمت أفندي” في منطقة سلطان أحمد، وهي عبارة عن مبنى تاريخي جميل بناه المعمار العثماني الشهير سنان في عام 1580، ويستخدم حاليا كفرع رابطة كتاب تركيا في إسطنبول.
وعلى الرغم من جمال المكان والأجواء التاريخية التي تخيَّم عليه، كانت هناك زحمة شديدة في المعرض في بعض الأوقات بسبب الإقبال الكبير وصغر المكان. ومن الأفضل أن لا يقام هذا المعرض العام القادم في المكان نفسه، بل في مكان آخر يتسع لعدد أكبر من دور النشر. ولما أشرت إلى ضرورة الانتقال إلى مكان أوسع، قال لي الأخ الأستاذ نواف القديمي: “أنا أحببت هذا المكان الجميل، وابحثوا لنا للعام القادم عن مكان أوسع بشرط أن يكون جميلا مثل هذا المكان.” وهذا الشرط ليس من الصعب تحقيقه، لأن إسطنبول مليئة بالأماكن التاريخية الجميلة.
ومن ملاحظات الزوار الأتراك على معرض الكتاب العربي عدم وجود دور النشر التي تبيع الكتب العلمية والمصادر الإسلامية. ويجيب الإخوة المنظمون للمعرض على هذه الملاحظة بأنهم أرادوا أن يكون هذا المعرض مخصصا فقط للكتب الفكرية والأدبية والفلسفية، ويقولون إن الكتب العلمية والمناهج المدرسية كلها متوفرة في المكتبات التي تبيع مثل هذه الكتب في إسطنبول. ولعل العام القادم يقام المعرض في مكان يتسع لعدد أكبر من دور النشر وتتم دعوة بعض دور النشر التي تبيع الكتب العلمية والمصادر الإسلامية إلى جانب دور النشر التي تبيع الكتب الفكرية والأدبية والفلسفية والسياسية والثقافية ليجد جميع الزوار ما يبحثون عنه من كتب مختلفة.
التجربة الأولى لمعرض الكتاب العربي في إسطنبول ناجحة ولكن عاصمة تركيا الثقافية تستحق لإقامة معرض دولي للكتاب العربي بمشاركة مئات من دور النشر من جميع الدول العربية لأن عدد العرب المقيمين في إسطنبول يصل إلى حوالي مليون، بالإضافة إلى الأتراك الذين يتحدثون العربية أو يتعلمونها في جميع أنحاء تركيا. ويمكن أن يضاف إلى هذا العدد مئات الآلاف من السياح العرب الذين يزورون إسطنبول سنويا، كما أن معرضا دوليا كبيرا للكتاب العربي من شأنه أن يجلب عددا آخر من السياح العرب إلى إسطنبول سواء من مواطني الدول العربية أو من المقيمين في الدول الغربية.
كنت أتحدث مع صديقي الغالي الكاتب الفلسطيني أيمن خالد حول فكرة إقامة معرض دولي كبير للكتاب العربي في إسطنبول وضرورة تشجيعها، ووافق على الفكرة ثم أضاف قائلا: “يا صديقي، الكتاب العربي أسير”، في إشارة إلى عدم السماح لبعض دور النشر بالمشاركة في معارض تقام في دول عربية, وكذلك عدم السماح لدور النشر المشاركة في تلك المعارض بعرض بعض الكتب الفكرية والسياسية وحتى العلمية.
ليست دور النشر والكتب فقط محظورة في معارض بعض الدول العربية، بل هناك عدد كبير من المثقفين العرب لا يمكن أن يزوروا معرض القاهرة الدولي للكتاب أو معرض الشارقة للكتاب خوفا من الاعتقال التعسفي لأسباب سياسية. ولكنهم يمكن أن يزوروا معرض إسطنبول للكتاب العربي بسهولة ليجدوا ما يريدونه من أنواع الكتب، لأن سقف الحريات في تركيا أعلى، ويمكن أن تتحول إسطنبول ملتقى الكتاب والمثقفين العرب.
الإقبال اللافت لمعرض الكتاب العربي في إسطنبول يشجعنا، نحن الأتراك المحبين للثقافة العربية، على أن نحلم بإقامة معرض دولي كبير للكتاب العربي في إسطنبول، ولكن مثل هذا الحلم لا يمكن أن يتحقق دون دعم حكومي، وبالتالي نطالب الحكومة التركية بأن تشارك العام القادم في تنظيم هذا المعرض والفعاليات الثقافية التي تصاحبه.