خاص/ شمس نيوز
مثل كل شيء في قطاع غزة بشكل خاص وفي فلسطين المحتلة بشكلٍ عام، محاصر يتعرض للمضايقات بشتى أنواعه من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، مهنة دبغ الجلود لم تكن بمنأى عن ذلك، بل واجهت الكثير من العقبات حتى كادت أن تختفي من فلسطين.
إلا أن عائلتين بقطاع غزة أصرت على الحفاظ على هذه المهنة، التي توارثوها عن أجدادهم منذ عام 1943، فانحصرت حرفة حفظ وتخزين الجلود في قطاع غزة بعائلتين، وهما عائلة الشوا من مدينة غزة، وعائلة عفانة من شمال القطاع.
المواطن رأفت الشوا، يعرف أسرار هذه المهنة وأصل الذي ترتديه أنت، أو الذي تستخدمه في حياتك اليومية، فتحدث لـ "شمس نيوز" عن طقوس عمله، بالقول: "بعد عيد الأضحى نشمر عن سواعدنا لجمع وشراء الجلود من أصحاب الأضاحي فهو موسم لتخزينها ويبلغ قيمة الجلد من 30 إلى 35 شيكل".
حيث تمر عملية حفظ وتخزين الجلود بمراحل عدة، قبل تصديرها إلى مصانع الدباغة، وأول مرحلة في هذه الحرفة هي "الشراء"، ويشترط التاجر الشوا أحد كبار تجار الجلود على باعة الجلود أن يكون الجلد كامل غير ناقص ولا مثقوب ولم يتعرض لتهتك أثناء عملية الذبح.
وأشار التاجر، إلى أنه على الرغم من أن ذلك الموسم يوفر الكثير من الجلود، إلا أن التجار يخشون شراء كميات كبيرة خشية عرقلة قوات الاحتلال تصدير الجلود من قطاع غزة.
أهم المشاكل
واستطرد الشوا، ويداه تداعب صوف أحد جلود الخراف التي وُسدت أمامه :" منذ سنوات لم نصدر الجلود للأراضي المحتلة، لفترة وجود الأنفاق، لكن بعد حكم السيسي، لنا 4 سنوات لم نصدرها للخارج" ، موضحاً بأن ذلك أدى إلى تراكم البضاعة لديهم، الأمر الذي ولّد مشاكل مع البلدية والجيران.
وتقدمت إحدى الجارات بشكوى للبلدية، مطالبة بإزالة "البركس" الوحيد المتبقي للتاجر، بعدما قُصف الأخر بالحرب الأخيرة على قطاع غزة، بحجة الروائح وغيرها التي تصدر منه.
وطالبت البلدية عائلة الشوا، بإزالة الجلود تمهيداً لإغلاق "البركس"، وعلق الشوا: "تلك الجلود إن تحركت خلال فترة تجفيفها تفسد، لكن البلدية أمرت بإغلاقه وأحدثوا لنا مشاكل كثيرة في عملنا وصلت لسجن شقيقي ودفع غرامات مالية، وكأننا ارتكبنا جريمة".
وسمحت قوات الاحتلال في تاريخ 30 اغسطس 2016 لتجار الجلود في قطاع غزة بتصدير جلود البقر إلى الخارج، لأول مرة منذ فرضها الحصار الإسرائيلي الجائر عام 2007.
خسائر كبيرة
ويشير الشوا إلى، أنه قد تكبد خسائر اقتصادية كبيرة بسبب الحصار، والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، مبيناً أنه أتلف 30 ألف جلدة، وتعرضت مخازنه في قرية خور زنون شرق جباليا للقصف عام 2006، وللتدمير الكلي في عام 2011، مشيراً إلى أن خسائره بلغت حوالي 350 ألف دولار أمريكي.
ويضيف ضيفنا الشوا: "تقدمت بطلبٍ رسمي منذ سنوات عدة لإنشاء مصنع مرخص لدباغة الجلود، لكنه قوبل بالرفض معللاً ذلك بأن الوزارات المعنية ترفض إنشاء مصانع دباغة في غزة لإمكانية تسرب مواد كيميائية تستخدم في عملة الدباغة إلى المياه الجوفية، خاصة أن الماه الجوفية في قطاع غزة قريبة من وجه الأرض".
وأشار إلى، أن الدول التي تسمح بإنشاء مصانع للدباغة، تعتمد طرقاً ووسائل علمية للتخلص من تلك المواد ونفايات المصانع، وهي بحاجة إلى إمكانيات مادية كبيرة لا يستطيع تجار غزة تحملها.
ويكمل الشوا حديثه متأسفاً: "ففي الوقت الذي سمحت به سلطات الاحتلال بتمرير البضائع والجلود للخليل، وذلك بعد رفع قضية على الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يقارب العامين، وعند حصولهم على الموافقة الإسرائيلية تفاجئوا بالعقبات التي وضعتها بلدية غزة أمامهم، الأمر الذي حال دون إتمام عملهم"، مطالبا البلدية "بغض الطرف" عنهم إلى حين توفير مبلغ مالي وإيجاد بديل مكاني بعيدا عن التجمعات السكنية.
وتلعب المدابغ دوراً اقتصادياً ثانوياً عند مقارنتها ببقية الصناعات التحويلية الأخرى، حيث أن حصة المدابغ من إنتاج الصناعات التحويلية تبلغ 0.2%، وتبلغ حصتها من القيمة المضافة 0.03%، ولا تزيد حصتها من العمالة في الصناعات التحويلية عن 0.15%.
و الدور الاقتصادي للمدابغ لا يقتصر فقط على مساهمتها في الإنتاج والتوظيف، بل يتعدى ذلك إلى دور المدابغ في تزويد الصناعات القائمة على الجلود باحتياجاتها من الجلود الطبيعية، إذ أن المدابغ الفلسطينية تزود صناعة الأحذية والملابس الجلدية بـ16% من الجلود المستخدمة في هذه الصناعات.
وتعتمد المدابغ الفلسطينية بشكل تام على الجلود المنتجة محلياً، وبذلك فهي معتمدة بالتالي على عملية إنتاج اللحوم وعلى الكميات المعروضة من الجلود الخام.