شمس نيوز / خاص
تسود حالة من اليأس والإحباط في الشارع الفلسطيني إزاء عدم توصّل طرفي الانقسام لاتفاق من شأنه تحقيق المصالحة الوطنية ورأب الصدع الفلسطيني، خصوصاً في ظل الوضع الذي تشهده المنطقة من أزمات ومشكلات أدت لتجاهل القضية الفلسطينية.
على أرض الواقع، لا تزال حماس تدير غزة، حتى الآن، وتصدر وتنفذ العديد من القرارات التي ترفضها حكومة الوفاق وتصفها بأنها "غير قانونية"، فيما تدير السلطة الفلسطينية الضفة الغربية، ولم تفلح جهود المصالحة، والوساطة المحلية والإقليمية والدولية في إنهاء الانقسام الحاصل منذ منتصف 2007.
مؤخراً طرحت حركة الجهاد الإسلامي من خلال أمينها العام، الدكتور رمضان شلح، مبادرة تتكون من 10 نقاط للخروج من الأزمة الراهنة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، لعلها تحرك ساكنا في هذا الوضع القائم.
اختلفت آراء المحللين السياسيين حول المبادرة، فمنهم من يرى أنها شاملة كونها طرحت العديد من القضايا الفلسطينية، ومنهم من حكم عليها بالفشل المبكر، وآخراً يعتبرها قابلة للنقاش والحوار لكنها بحاجة إلى واقعية أكثر.
وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي"، رمضان شلح، ألقى كلمة متلفزة خلال مهرجان جماهيري لحركته في قطاع غزة، أمس الجمعة، طرح فيها مبادرة من عشر نقاط للخروج من الوضع الفلسطيني الراهن، منها سحب منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل، وإعادة بناء المنظمة لتصبح الإطار الوطني الجامع لكل القوى الفلسطينية.
كما دعا شلح إلى إلغاء اتفاق أوسلو، وإنهاء الانقسام، مؤكدا على أن حركته تمد يدها للجميع ولكل قوى ومكونات الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن إنهاء الانقسام يكون بمبادرة في يد عباس.
مبادرة شاملة
الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور, يرى أن مبادرة شلح, جاءت شاملة كونها لا تحتوي تحسين العلاقة بين حماس وفتح وإنهاء الانقسام فقط, بل كخطة طريق متكاملة, ومبادرة إستراتجية اشتملت على عشر نقاط للنهوض بالمشهد الفلسطيني.
وأشار العمور لـ "شمس نيوز" إلى، أن مبادرة الجهاد الإسلامي ليست الأولي من نوعها, فقد سبقتها عدة مبادرات, ففي الأيام الأولى لحدوث الانقسام, تقدمت الجهاد بمبادرة شاملة عام 2007 للمصالحة, تلتها مبادرة أخرى بالاشتراك مع الجبهة الشعبية.
وقال: "هذه المبادرة قُدمت في وقت سيئ وملغم, فالواقع الفلسطيني صعب جدا ويحتاج لمعجزة للنهوض، مضيفا: "نحتاج لمعجزة لمصالحة فتح مع فتح ثم معجزة لإصلاح علاقة فتح مع حماس ثم معجزة لكي تجلس كل الفصائل بكل أطيافها للبحث في موضوع النقاط العشر التي قدمتها الجهاد الإسلامي".
وتابع: "المشهد الفلسطيني الآن تتخطّفه أطراف داخلية وخارجية, وباتت المتغيرات الحاصلة إقليميا ودوليا, تنعكس بالسلب على المشهد الفلسطيني, وبتالي كان لا بد من وجود خطة طريق".
وكانت حركة "حماس" قد رحّبت بمبادرة د.شلح، للخروج من المأزق الفلسطيني الحالي، معتبرةً المبادرة شاملة لتصويب الوضع الفلسطيني". ودعت كل الأطراف الفلسطينية إلى دعم هذه المبادرة.
ولدت يتيمة
المحلل السياسي مصطفى الصواف, قال إن مبادرة الجهاد "ولدت ميتة" ولا يمكن أن تنجح، لأنها بحسب اعتقاده طرحت أمام رجل لا يؤمن بأي نقطة جاءت فيها، بالإشارة لرئيس السلطة عباس .
وبيّن الصواف لـ" شمس نيوز", أن عباس لن يقبل هذه المبادرة؛ "لأنه لن يتخلي عن أوسلو ولا عن "دكتاتوريته" ولن يقوم بعملية إصلاح لا في منظمة التحرير ولا على مستوى الوطن بمعنى إجراء مصالحة وطنية".
و تابع: "المبادرات التي تطرح لا تحمل جديدا وإنما تحمل آمالا بضرورة تنفيذ وحدة موقف استراتيجي فلسطيني وهذا هو المطلوب, للانسحاب مما ورطتنا به "أوسلو" وعدم الاعتراف بهذا الاحتلال, وهذه هي المعايير الأساسية "
هذا واستهجن الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم, اعتبار حركة فتح على لسان أمين سر مجلسها الثوري أمين مقبول، أن مبادرة الجهاد الإسلامي "مبالغ فيها وغير واقعية".
واعتبر برهوم, ذلك محاولة "لوئد وإفشال" هذه المبادرة وخروج عن حالة الإجماع الوطني المؤيدة والداعمة لها، داعياً إلى تبني المبادرة ودعمها والعمل على تثبيت وتحقيق البنود الواردة فيها.
قابلة للنقاش والحوار
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر ناجي شراب يرى أن الجديد في مبادرة الجهاد، أنها قابلة للنقاش والحوار، لكنها لا تمثل إطاراً نهائياً، خصوصاً بما يتعلق بالجانب السياسي ومفهوم المقاومة وموضوع إلغاء أوسلو، مضيفاً: " لا أحد يختلف على أن أوسلو قد انتهت صلاحيتها ولم تعد قائمة، لكن الخلاف في طريقة أو آلية إعلان السلطة إلغائها، وهناك نقاط في المبادرة تحتاج إلى مزيد من النقاش والحوار"، على حد تعبيره.
وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فإن هناك مشكلة في طرح المبادرة لا تتعلق بالمبادرة ذاتها، "بل تكمن في المنظومة الكيانية السياسية الفلسطينية الغائبة، وهذا ما غفلت عنه المبادرة.. بمعنى أننا بحاجة إلى تجديد الشرعية السياسية للمؤسسات: المجلس الوطني والمركزي والتشريعي والرئاسة، هذه لم يتناولها شلح بشكل مباشر".
وأردف قائلاً: "هذه المؤسسات في حال تم تجديد شرعيتها السياسية، يمكن بلورة رؤية ومناقشة هذه المبادرة"، متسائلاً في الوقت ذاته : هل حركة الجهاد الإسلامي على استعداد للمشاركة في البنية والكينونة السياسية لهذا الأمر؟ هذا ما لا توظفه المبادرة".
وبيّن شراب أن خطاب الأمين العام "شلح"، ركز على الجانب الذي لا يختلف عليه أحد "المقاومة والصمود وأوسلو، وهذه المسائل لا أحد يختلف عليها نظرياً"، موضحاً أن المبادرة تحتاج للمزيد من الواقعية.