المقال يعبر عن رأي كاتبه
بقلم / ماجد سعيد
على عكس ما تهوى اسرائيل وما كانت تروج له من شطب العملية السياسية الفلسطينية الاسرائيلية عن اجندة الادراة الاميركية الجديدة ورهانها على ان الرئيس محمود عباس لن يدخل البيت الابيض قط، جاءت مكالمة الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع الرئيس محمود عباس ودعوته له لزيارة واشنطن وما تلاها بايام معدودات من وصول مبعوثه الخاص الى المنطقة لتنسف الاوهام الاسرائيلية.
هذه التطورات المتسارعة عكست تغيرا في توجهات ترامب بعد صبر فلسطيني بنصيحة من رئيس المخابرات الاميركية الذي كان زار رام الله وقتما كان نتنياهو في البيت الابيض.
هذا التغير عبر عنه المبعوث الاميركي عندما امتدت نقاشاته مع الرئيس الفلسطيني لاكثر من خمس ساعات ومثلها واكثر من ذلك مع رئيس الوزراء الاسرائيلي في اجتماعات تواصلت على مدى ثلاثة ايام، وعلى الرغم من عدم الافصاح عما دار في اللقاءات الا ان قضايا الاستيطان وسبل اطلاق مفاوضات السلام من جديد لتحقيق الصفقة التي تحدث عنها ترامب عند توليه الحكم كانت بالتأكيد مدار البحث في تلك اللقاءات.
كل ذلك يبدو جميلا حتى اللحظة، لكن اسرائيل ولتشتيت توجه واشنطن اعادت قبل زيارة المبعوث الاميركي رمي كرة السلام الاقليمي الذي كان عارضه الفلسطينيون عندما حاولت الادراة الاميركية السابقة طرحه عبر جمع ما عرف بالرباعية العربية باسرائيل خوفا من استخدامه كطريق للتطبيع مع العرب وليس رغبة في السلام.
نتنياهو الذي يدرك اهمية دخوله في عباءة ما سماه السلام الاقليمي لزرع الوهم في طريق الادارة الاميركية برغبته في صناعة السلام، سيعود ايضا بالتأكيد لترويج فكرة السلام الاقتصادي من جديد للهروب من اي اتفاق سياسي يمكن ان يولّد دولة فلسطينية.
هذا الامر وعلى الرغم من سقوط رهان تل ابيب بعزل الفلسطينيين حتى اللحظة، يجعلنا مجبرين على عدم رفع سقف التوقعات، فالتجربة الفلسطينية مع السنوات الثماني من ولايتي باراك اوباما الذي جاء بلسان يحمل على طرفه حلاوة، كانت مريرة اذا ما نظرنا الى ما صنعته اسرائيل خلال تلك السنوات من اجراءات تسرخ الحل الذي تريده لا ما نريده.
واذا ما اضفنا الى ذلك كله عقلية ساكن البيت الابيض التجارية ولغته عن الصفقات او الصفقة، فان الخوف يدفعنا للقول انه ربما يتماشى مع رغبات اسرائيل في تبني السلام الاقتصادي، واذا ما رفضه الفلسطينيون وهذا هو المؤكد فان ذلك قد يثير حفيظة ترامب الذي يعرف بتهوره وعدم حسابه لخطواته.
الفلسطينيون ربما يقعون مستقبلا بين نارين، نار القبول بالصفقة او مواجهة ترامب وهو ما نتوقعه عاجلا ام اجلا.