غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر أرض النفاق !

بقلم/ إيمان محمد درويش

عندما أفتح الحساب الشخصي لشيخ من الشيوخ الكبار، وأجد كيف يتعامل الناس معه بكمية احترام زائد يصل إلى تعظيم الشيخ، وتقليل أنفسهم يصل إلى توصيل الشيخ بأنه ولي من أولياء الله الصالحين أو أكثر من ذلك.

عندما أقلب في الحساب وأجد مواقف هذا الشيخ السياسية المتبدلة التي أظهرت الوجه الحقيقي وراء ذلك القناع الذي انخدع فيه الناس، وكيف وصلت الحسرة والندم في قلوبهم لأتباع هذا الشيخ وغيره من الشيوخ المنافقين الذين يتلونون ولا يعملون بما يقولون؛ لأن ذلك ينطبق على كل المبادئ التي كان يرددها كثيراً على مسامعنا.

عندما أفكر مَن المذنب مَن الذي أعطى لهؤلاء المنافقين فرصة الظهور والاستخفاف بكل تلك العقول الملتفة حولهم أجد أن الناس أنفسهم هم المخطئون، هم الذين يرمون عقولهم وتفكيرهم في أيدي هؤلاء لتشكيلها على حسب ما يريدون.

نصدق كل مَن يدعي أنه يعلم ما لا نعلم من الفقه والشريعة، نتبع ونسير كالإمعة وراء هؤلاء بدون تفكير، نشعرهم بأنهم دائماً هم الأفضل، هم من الله أقرب، والعاقبة لنا نحن، تركنا كتب التفسير والفقه والشريعة، واعتمدنا عليهم هم، رفعناهم إلى سابع سماء ونزلنا نحن إلى سابع أرض.

أتدرون أن العاقبة ستظل لنا؟ ألم نرى بسبب هذا التفكير الخاطئ لدينا وجدنا الشباب من الفتيان والفتيات يهرولون إلى هذا التنظيم الداعشي الفاسد ظناً منهم أنه جهاد حقيقي، إنهم أصحاب رؤية إسلامية صحيحة فقط لأنهم أصحاب لحى، وكيف انتهى بهم الحال بالموت، ومات معهم أناس أبرياء لا ذنب لهم ألا تدرون أن ذلك التنظيم مما جنته أيدينا لتربية أبنائنا على عدم التفرقة بين الحسن والسيئ من هؤلاء الشيوخ.

لم نتقبل ذلك المسلسل الذي لا أراه إلا توعية للشعوب العربية، غرابيب سود، عنوان ذلك المسلسل الذي ثار عليه الجميع من أول إعلان له في بداية شهر رمضان ووجدنا التدوينات والبوستات الكثيرة عن المسلسل الحاملة للتحليل المفصل، وهو لم يعرض بعد بل قاموا باستنتاجه من خلال أول إعلان.

لم يكن ذلك جديداً على العرب، فلقد اعتدنا أن نحكم على الجواب من عنوانه غير منتظرين قراءة ما يحمله الجواب من تفاصيل بتمعن وبتحليل منطقي وسليم للأحداث، لنعطِ كل ذي حق حقه، بل اتهمناه بأنه يظهر النساء السنيات بأبشع مظهر، وأن لهم أهدافاً غير سوية، فكوني عربية حكمت أيضاً على المسلسل من أول إعلان له، ولكن عند مشاهدتي له وبحثي فيه عن تلك الاتهامات لم أجد فيه شيئاً كهذا.

وجدت أنه يصور مجموعة من الأشخاص ادعوا أنهم أصحاب دعوة يريدون نشر الإسلام في كل ربوع الأرض وهم لا يفقهون شيئاً عن الدين، يحرفون الكلم عن مواضعه، مستغلين الشباب البائس العاطل الذي لا يعرف هويته في تلك الحياة التائه، يستدرجونه إليهم ظناً منه أنه سيجد إسلاماً حقاً بتعاليمه القويمة، السليمة، فيتفاجأ أنه مستنقع للإجرام والفساد، مستنقع لإظهار الإسلام بأبشع صورة له فيتفاجأ أنه متورط معهم، لا يستطيع الخلاص منهم، فيضيع الفتى، وذلك بسبب جهله بالصورة الكاملة للحقيقة.

وجدت تلك المطلقة، المسكينة هي وأولادها لا تجد أين تذهب، لا يوجد لها مال ولا مأوى، فاستدرجوها بأسلوب الدولة الإسلامية التي يدعونها وأوهموها أنها ستجد مستقبلاً زاهراً لها ولأولادها، فجاءت مهرولة لتجد نفسها في جحيم الدنيا لأناس نزع الله من قلوبهم الرحمة، فمن علامات غضب الله على العبد قسوة القلب، فهؤلاء قساة للقلوب سود الوجوه والعقول، فتتفاجأ بأنها دولة لا تعرف شيئاً عن الإسلام.

وجدت ذلك الطبيب الذي ترك أهله ووظيفته وجاء لأنه يريد لتعاليم الإسلام أن تطبق، ويعمل بها الجميع، فظن أنها ستكون دولة إسلامية حقاً، وستعيد أمجاد الأمة من جديد، ولكنه وجدها دولة ضلال وظلم وقتل بغير وجه حق، يهددونه بأنه يجب أن يسرق أعضاء السبايا، كما يقولون على الفتيات غير المسلمات اللاتي اختطفوهن.

وجدت هؤلاء الأطفال الذين اختفت من أعينهم براءة الطفولة، وكيف جعلوها أعيناً متعطشة دائماً للقتال والحرب ورؤية الدماء.

كيف يدخلون البيوت ويقتلون ساكنيها بغير وجه حق؟ كيف يستغلون اللاجئين ليفعلوا ما يأمرونهم به؟

كيف يستخدمون السوشيال ميديا؟ وكيف هم بارعون فيها لاستدراج الشباب؟ وكل القابعين عليها ليلاً ونهاراً لإقناعهم بأنها دولة إسلامية حقاً وجدتهم.

أتدرون لماذا يتم استدراج الناس لأهدافهم بكل هذه السهولة؟

لأن العرب تربوا على أن كل كلمة يقولها الشيخ فهي صواب، وأن كل من له لحية فهو شيخ وفقيه في الدين، وأن من يتكلم في الدين حتى وإن كان على غير علم فإن كلامه مسلم به.

لم يعتد العربي على أن هناك صورة كاملة يجب أن يراها، وكفاه رؤية لنصف الصورة الحسن لكل أصحاب اللحى، بل إن هناك أناسا منافقين يتكلمون عن الدين ليلاً ونهاراً، وهم لا يعملون به، يضللون الناس ولأنه أصبحنا بلا ركيزة دينية أصبح الكثير من المسلمين مسلمين اسماً فقط، أصبحت عملية التضليل سهلة عليهم، ويقع الكثير من الشباب فريسة لهم ولأفكارهم، وأصبحنا لا نستطيع توصيل صورة الإسلام الحقيقية للغرب بالشكل الصحيح، فذلك المسلسل يعتبر عملية توعية للشعوب العربية بأن يتوخوا الحذر من هذه الفئة التي لا تريد سوى تدمير الإسلام والشعوب العربية، فعلينا أن نرى الصورة الكاملة (ونستطيع أن نفرق بين الحسن والسيئ ولا نحكم على شيء بغير علم لأن) المسلسل كما أتى بصورة المسلم السيئ جاء أيضاً بصورة المسلم السمح الصحيح الثائر على ذلك المستنقع الفاسد.

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية الشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر؟

قال: نعم.

قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟

قال: نعم وفيه دخن.

قلت: وما دخنه يا رسول الله؟

قال: قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر.

قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟

قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.

قلت: يا رسول الله، صفهم لنا.

قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا.

فقلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك.

قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.


المقال يعبر عن رأي كاتبه

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".