غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر دروس المفاوضات وبديلها

 

مثلما كان متوقعاً، لم تؤد مفاوضات الثمانية أشهر إلا إلى المزيد من التشدد الصهيوني في الطلبات التعجيزية من السلطة، وإلا إلى ازدياد الشروط "الإسرائيلية" . فبعد ضرورة الاعتراف الفلسطيني ب "يهودية إسرائيل" يأتي شرط جديد، على الفلسطينيين التنازل عن مطالبهم القومية كافة هكذا قال بالحرف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو .

التجربة الجديدة للمفاوضات أعادت للأذهان مرحلة التفاوض مع دولة الكيان على مدى عشرين عاماً، حتى في ظل قطع المفاوضات الذي استمر بضع سنين فإنها كانت تجري مع "الإسرائيليين" تحت هذا المسمى أو ذاك، مرة من خلال دبلوماسية الرسائل، وأخرى من خلال "المفاوضات الاستكشافية" التي جرت بين الطرفين في العاصمة الأردنية عمّان والتي استمرت بضعة أسابيع على جولات عدة .

السلطة الفلسطينية لا تبدو أنها استفادت من دروس التفاوض مع الكيان الصهيوني، وإلا ما الداعي إلى عقد اجتماعات بين رئيسي الوفدين المتفاوضين، تسيبي ليفني وصائب عريقات، برعاية المندوب الأمريكي الصهيوني حتى العظم مارتن إنديك؟ في الوقت الذي أبقت "إسرائيل" على استيطانها بتسارع أكبر خلال الفترة التفاوضية . "إسرائيل" تحاصر قطاع غزة منذ سنوات طويلة، وبين الفينة والأخرى تقوم بغارات جوية على أهداف متعددة فيه وتصادر الأراضي، تغتال وتعتقل النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تصول قواتها وتجول في كل أنحائها وتهدم البيوت، ويقوم غلاة المستوطنين الفاشيين بانتهاك حرمات المسجد الأقصى والاعتداء عليه، وتهويد القدس ومنطقتها، ورغم ذلك واصلت السلطة المفاوضات مع الكيان الصهيوني، ولم تستفد من دروس تجربة العشرين عاماً .

والأدهى أنها أبقت على التنسيق الأمني مع الكيان، وقامت أجهزة أمنها أيضاً باعتقالات عدة للمقاومين الفلسطينيين، كما حصل مؤخراً لمناضلين في الجبهة الشعبية وفي حركة الجهاد الإسلامي، وغيرهما من الفصائل الفلسطينية .

التجربتان كفيلتان بأن تخرج السلطة بدروس مستفادة غير التي ذكرناها في السياق، لعل أبرزها أن الكيان لا يبحث عن حلول مع الفلسطينيين، إنه يريد استسلامهم الكامل لشروطه ولرؤيته للتسوية التي في جوهرها لا تتعدى الحكم الذاتي على القضايا الحياتية للفلسطينيين ليس إلا، هذا أولاً .

الدرس الآخر الذي يتوجب على السلطة استخلاصه هو: لا مجال مطلقاً لتطبيق حل الدولتين، فالكيان ماضٍ في استيطانه على قدمٍ وساق، وشهيته زادت لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية، وبالمعنى الفعلي لم يتبق من أراضي الضفة الغربية 40%، مثلما تقول بعض الإحصاءات، وإنما 25% مثلما تشي إحصاءات أدق، أي أنه من المستحيل إقامة دولة فلسطينية على كانتونات مقطعة الأوصال"إسرائيل" تحاول التخلص من الفلسطينيين العرب الموجودين فيها من منطقة48 , تريد تبادلاً للأراضي مع الفلسطينيين بحيث تتخلص من 300 ألف فلسطيني يتواجدون في المثلث، تحاول تهجيرهم إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية من أجل نقاء يهودية دولتها .

من دروس التفاوض أيضاً هو، أن حشر القضية في استرجاع الحقوق من خلال المفاوضات ومن ثم المفاوضات ومن ثم المفاوضات هو خيار خاطئ، ولا بد للسلطة الفلسطينية من انتهاج إستراتيجية وتكتيك سياسي جديدين كفيلين بانتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية من براثن العدو الصهيوني، فليس أطول من تجربة المفاوضات الفلسطينية مع هذا العدو الصهيوني .

الذي يجبر "إسرائيل" على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية هو نهج مختلف آخر لا علاقة له بالتفاوض، وأثبت فعاليته في كل التجارب النضالية لحركات التحرر الوطني على صعيد آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو المقاومة الشعبية .

التفاوض يجري في حالة واحدة هي: أن يصل العدو الصهيوني إلى الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية رغماً عنه، لأنه إذا ما رفض تستمر المقاومة، بالتالي سيصبح وجوده مهدداً، لذا فالمفاوضات والحالة هذه تكون محكومةً بالوقائع على الأرض بفعل المقاومة المسلحة، هنا لا مانع والحالة هذه من التفاوض على كيفية وصول الحقوق إلى أصحابها في ظل التهديد للعدو باستمرارية هذه المقاومة في حالة رفضه بحيث يصبح احتلاله للأراضي الفلسطينية مشروعاً خاسراً بالمعنيين الديموغرافي (خسائره في جنود الاحتلال) والاقتصادي المرهق لميزانيته بإبقاء احتلاله للأراضي واغتصابه لإرادة وحرية الفلسطينيين . هذه هي أبرز دروس تجربة المفاوضات الجديدة مع العدو الصهيوني والمقررة أن تنتهي في التاسع والعشرين من إبريل الحالي .

إن البدائل للتفاوض مع العدو كثيرة ومعروفة أيضاً ومن أهمها، إعادة الاعتبار للمقاومة بكل أشكالها ووسائلها، وعلى رأسها الكفاح المسلح ضد احتلال هذا العدو لأرضنا الفلسطينية، الذي أجبره على الاعتراف بوجود شعبنا الفلسطيني هو المقاومة وليس التفاوض معه . إن من أهم البدائل أيضاً، تجاوز حالة الانقسام الحالي المعبّر عنه في وجود سلطتين تتنازعان على مفتاح السجن "فسيادة" كليهما تتمثل في حل القضايا الحياتية للفلسطينيين فيهما . الانقسام هو إضعاف للمشروع الوطني الفلسطيني برمته وللحقوق الوطنية أيضاً.

إن من أبرز البدائل أيضاً، إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها . وحدة على أساس الثوابت الفلسطينية، وحدة على أساس قطع المفاوضات نهائياً مع هذا العدو، وعدم العودة إليها ما دام العدو لا يعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة غير منقوصة . من البدائل أيضاً، إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المعبرة والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، والتي تجمع بين الفلسطينيين .

منذ تشكيل السلطة جرى إهمال متعمد للمنظمة، وكان لذلك آثار سلبية على القضية وعلى مجمل المشروع الوطني . من الضروري أيضاً إجراء مراجعة شاملة منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى هذه المرحلة . مراجعة تتم من خلالها الاستفادة من الأخطاء وقد كان خيار المفاوضات أبرزها .

من البدائل أيضاً، العودة إلى المرجعية الأساسية للحقوق الفلسطينية وهي الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بهذا الشأن بدلاً من مرجعية أوسلو، من البدائل أيضاً: التراجع عن كافة التنازلات التي أبدتها السلطة الفلسطينية فيما مضى، والتمسك بحق العودة لشعبنا إلى أرضه ووطنه، وكافة الحقوق الوطنية الفلسطينية الأخرى والعودة بالقضية إلى مربعها الأول .

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".