شمس نيوز/ علاء الهجين
حذر محللون ماليون ومختصون بالشأن الاقتصادي من ظاهرة الشيكات المرتجعة في فلسطين، والتي سجلت ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الماضي، ما تسبب بشلل حركة دوران السيولة النقدية، وإعاقة عجلة الاستثمار في كافة المجالات الاقتصادية بالقطاع، وأوصلها إلى منحنى خطير.
وأوصى المختصون في أحاديث منفصلة لـ "شمس نيوز"، سلطة النقد الفلسطينية بإعادة النظر في سياسة منح الشيكات لمعالجة نمو ظاهر الشيكات المرتجعة في فلسطين، وضرورة استخدام سياسة مالية للموازنة بين الشيكات المرتجعة والمتداولة.
أرقام كبيرة
وبلغت قيمة إجمالي الشيكات المرتجعة في الوطن نحو 935 مليون دولار هذا العام، و1.154 مليار دولار خلال عام 2017، فيما بلغ عددها 735,479 شيك، مقابل 775 مليون دولار خلال عام 2016 و670 مليون دولار خلال عام 2015.
وبحسب البيانات الصادرة من سلطة النقد، فإن إجمالي الشيكات المرتجعة في قطاع غزة بلغت خلال عام 2018 نحو68 مليون دولار، مقابل 112 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2017، و62 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة في عام 2016.
المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور سمير الدقران، يعتبر أن أهم أسباب ازدياد الشيكات المرتجعة الخاصة بالتجار وأصحاب الشركات والممولين في غزة، هو انهيار الوضع الاقتصادي بالقطاع إلى درجة غير مسبوقة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل على غزة، إضافة إلى خصم جزء من رواتب السلطة في القطاع، الأمر الذي سارع بانهيار اقتصاد غزة، وارتفاع عدد الشيكات المعادة.
القدرة الشرائية
ويوضح د. الدقران، في حديث خاص لـ " شمس نيوز"، أن ضعف القدرة الشرائية لدى مواطنين القطاع، أدي إلى نقص السيولة النقدية في السوق الغزية، الأمر الذي أثر سلبًا على تجار قطاع غزة، وقلص قدرتهم على دفع القيمة المالية المستحقة للشيكات.
ويشدد على أن الشيكات المرتجعة تدمر الاقتصاد الفلسطيني وتنهكه، لأنها تضعف الدورة المالية، وبعد تلك الأموال على الخزانة العامة يقلل الإيرادات على الدولة، مما يؤدي في النهاية على عدم قدرة الحكومة الإيفاء بالالتزامات المنوطة إليها، مما تؤثر سلبًا على جميع القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية.
ويوصي المختص الاقتصادي، البنوك وسلطة النقد الفلسطينية، بإعادة النظر في سياسة منح الشيكات لمعالجة ازديادها، مطالبًا البنوك الفلسطينية بمراعاة الموظفين عند تسديد قيمة القروض المستحقة عليهم، لكي تعود الحركة الشرائية إلى الأسواق في غزة، وتكون خطوة لإنقاذ القطاع من الانهيار.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور نور أبو الرّب، أن الشيكات تعتبر أداة تداول بين التجار في فلسطين، وتحل محل الأموال الورقية، وبالتالي ارتجاع الشيكات يوقف العملية التجارية والحركة الشرائية، ويكون بمثابة عملية اغتيال للاقتصاد الفلسطيني.
ويشير د. أبو الرب في حديث خاص لـ "شمس نيوز" إلى، أن المواطنين بشكل عام ازداد ميولهم للشراء بشكل الآجل، نتيجة الحصار والبطالة وانخفاض حجم الكتلة النقدية، مما تسبب بتقليص السيولة المالية لدى التجار في الأسواق، الأمر الذي انعكس عليهم سلبًا، وأدى إلى ارتجاع شيكاتهم المستحقة.
تقليص عدد الشيكات
وحول وضع خطة لتقليص عدد الشيكات المرتجعة، يرى الخبير الاقتصادي، أنه على البنوك الفلسطينية ألا تسلم دفاتر شيكات بشكل كبير، وأن تتحقق أن حامل هذا الشيك لم يتعرض في السابق إلى ارتجاع شيكاته، ومتابعة أصحاب الشيكات من قبل سلطة النقد الفلسطينية، إضافة إلى أنه يجب على القانون الفلسطيني أن يكون حاسمًا بخصوص أصحاب الشيكات المعادة، وأن يتخذ بحقهم إجراءات عقابية صارمة.
ويتفق د. أبو الرب مع سابقه على أن الشيكات المعادة تدمر الاقتصاد الفلسطيني، لأنها تؤدي إلى ركود تجاري، إضافة إلى وقف حركة التداول لأن التاجر لن يغامر ويبيع بضاعته بالشيكات خوفًا من رجوعها، فالأسباب السابقة تشل كافة القطاعات الاقتصادية في قطاع غزة.
من جهته، يوضح المحلل المالي أمين أبو عيشة، أن الشيك يعامل معاملة النقد في كاملة المعاملات التجارية، وأن من يعطي شيكًا يجب أن يكون لديه رصيد نقضي يغطي مستحقاته، لأن تراكم الشيكات المُعادة يوصل الاقتصاد الفلسطيني إلى منحى خطير لا يُحمد عقباه.
وينوه أبو عيشة في حديث خاص لـ "شمس نيوز"، إلى، أن البنوك الفلسطينية أسرفت بشكل كبير في منح للأفراد والشركات دون وجود ضمانات المالية أو النقدية، هذا عمل بشكل أساسي على تكدس الشيكات المرتجعة في الأراضي الفلسطينية، مطالبًا سلطة النقد الفلسطينية تحديد الأشخاص الذين يمكن أن تمنحهم دفاتر شيكات وأن يكونوا من أصحاب الأموال، لأن ارجاعها سيؤثر سلبًا على مجمل العملية الاقتصادية.
ويت ارجاع الشيكات الشيكات لعدة أسباب منها: الشيك موقوف، عدم كفاية الرصيد، الحساب مجمد بسبب الوفاة، الحساب مغلق، اختلاف التوقيع، انتهاء صلاحية الشيك، مسحوب على مصرف آخر، غير قابل للتجيير، عرض قبل تاريخه، رصيد الساحب محجوز لأسباب قانونية، كتابة أكثر من تاريخ على الشيك، اختلاف عملة السحب عن رمز العملة المدونة على نموذج الشيك.
وتصنف سلطة النقد، العملاء في حصولهم على الشيكات المالية بمستويات "A. B. C. D. E"، بحيث يمكن للمصنفين "A & B" الحصول على دفتر شيكات، بينما لا تحصل التصنيفات الأخرى بسبب رجوع شيكات لهم لعدم كفاية الرصيد أو لأسباب أخرى، بعدد ورقات معادة تزيد عن 5 ورقات.
وفي وقت سابق، أعلن محافظ سلطة الفلسطينية عزام الشوا، أن سلطة النقد تقوم بتطوير الإجراءات الراهنة في مجال تنظيم تداول الشيكات، إضافة إلى أنها سوف تتخذ عددًا من الإجراءات الإضافية المشددة لمحاربة آفة الشيكات المعادة.
وتشمل هذه الإجراءات في مرحلتها الأولى المتوقع المباشرة بها خلال الأيام القليلة المُقبلة للحد من عمليات التسويات الرضائية للأفراد والشركات وإلغاء فترة الثلاثة شهور المعتمدة حاليا لغايات التصنيف واعتماد توفر التسجيل القانوني للشركات والمنشآت من جهات الاختصاص لغايات الموافقة على التسوية الرضائية، وفق الشوا.
وأما في المرحلة الثانية والمتوقع تنفيذها قبل نهاية العام فإنها سوف تشمل مجموعة من الإجراءات منها خفض عدد الشيكات الخاضعة للتصنيف وتحديد سقوف للشيكات الشخصية والتشدد في منح الشيكات لذوي العلاقة من الدرجة الأولى للعملاء المصنفين على النظام.
يشار إلى أن، عدد البنوك العاملة في فلسطين 15 بنكًا محليًا ووافدًا، منها 7 مصارف محلية و7 مصارف وافدة وبنك مصري واحد