قلم/ أكرم عطا الله
الخبر الذي وقع كالصاعقة أول أمس على سكان قطاع غزة إثر الخلافات التي اتسعت في الأسبوع بين حركتي فتح وحماس هو سحب السلطة لموظفيها من معبر رفح وهو الرئة الوحيدة التي يتنفس منها القطاع بعد أن انقطعت أنفاسه لسنوات ضاع أمامها مستقبل جيل كامل فقد أحلامه ومستقبله سواء بالتعليم أو بالهجرة هروباً من هذا الجحيم الذي أصبح يوميات حياة في هذه المنطقة المنحوسة.
كتب على غزة الشقاء دون رحمة من الأبناء والأشقاء حتى وكأنها منطقة منبوذة لا تستحق الشفقة بعد أن سُحقت تحت أقدام الانقسام الذي انطبعت آثاره على جلدها ومنذ اليوم الأول لسيطرة حركة حماس على غزة وطردها للسلطة الوطنية هذا قبل أحد عشر عاماً ونصف ليعلن يومها عن دخولها في سجن لم نعرف أنه سيطول الى هذه الدرجة ويغلق معبر رفح وهو ممرها الاجباري الوحيد ونافذتها على العالم الخارجي.
أثناء ذلك وبناء عليه تحطمت آمال وأحلام وتعليم وفرص عمل وانغلاق لا مثيل له فلم يتعرض شعب في العالم لما تعرضت له غزة من قطع علاقة بالعالم الخارجي الى أن انفتح المعبر هذا العام بعد تسليم السلطة له أثر اتفاق أكتوبر 2017 وان كان هذا الفتح لم يكن كاملاً وان كانت المعاناة كبيرة إلا أنه سمح للناس والمضطرين بقضاء بعض مصالحهم للمرضى وللطلاب والمهاجرين حتى.
منذ أن تسلمت السلطة المعبر كان وضع موظفيها وضباطها أقل كثيراً مما يليق بهم بفعل إجراءات حركة حماس فهي تحكمت بكل شيء ولم تسمح لهم بأية صلاحيات تخولهم حتى من التدخل لسفر مواطن واحد فكل شيء تتحكم به والأسوأ وهو ما سمعته من ضباط المعبر أنها لا تسمح لهم التنقل بملابسهم الرسمية وهذا كان مفاجئاً بالنسبة أن هنا ضابط عظيم لديه من يقرر له ماذا يلبس وأين يلبس وتلك إهانة لا أعرف كيف قبلتها السلطة وهي تتسلم هذا المعبر ومع ذلك المهم هو التسهيل لشعب من المساكين.
الحقيقة أنني سافرت عبر المعبر ويمكن إعطاء شهادة لموظفي السلطة الذين عملوا لأشهر هناك فقد قدموا نموذجاً رائعاً في التعامل مع الناس وفي تسهيل السفر والعودة التي لم تأخذ دقائق وللحقيقة علينا أن نشمل الجميع بأن جميع أبنائنا الذين عملوا على المعبر منذ أن أصبح فلسطيني بغض النظر عن انتماءاتهم استحقوا احترامنا جميعاً.
إلى أن جاءت كارثة التصعيد ولا أحد يعرف كيف تطورت الأمور بشكل دراماتيكي ولا أحد يعرف لماذا أقدمت حماس على استدعاءات واقتحام بيوت الضباط العاملين على المعبر في ذروة أزمة احتفال انطلاقة حركة فتح وهؤلاء الضباط كما فهمت لا يمارسون أي عمل تنظيمي فهل كانت تخطط لاستدراج ردة فعل لطردهم من المعبر أم أن الأمور غير ذلك؟ أم أن السلطة كانت هي من يخطط أو انتظرت أي خطأ ترتكبه الحركة لسحبهم في إطار معاقبة حركة حماس؟
وتلك رواية لا تنتهي بين الفعل وردة الفعل ضاع شعب، بين الغضب والغضب المتبادل تحولت مجموعات من البشر إلى سجناء في سجن لا يعرف أحد متى تنتهي سنوات حكمهم، هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم ضحايا صراع لا ذنب لهم فيه ها هم يدفعون ثمن أكبر من طاقة البشر مساكين هؤلاء الناس في غزة وربنا وحده يعلم ان كانت هذه الكارثة تنتهي قبل نهاية أعمار من كانوا شهوداً وشهدوا عليها.
نتسول أو نتوسل كل من يمكن له أن يخرجنا من هذا الجحيم وعلى حركة حماس أن تعرف أنه لا يمكن الاستمرار بتلك اللعبة العابثة فهنا شعب ضاع نتيجة طردها للسلطة من غزة في تلك المغامرة التي فعلتها، ونتوسل للسلطة أن تعيد موظفيها إلى المعبر فهم أمل الناس الوحيد، على حركة حماس أن ترفض استلام المعبر وليس أن تبتهج لأن تكون بديلاً عن موظفيه فهذا يساهم أكثر بالاختناق وعلى السلطة أن تتسامى من أجل شعب هي مسئولة عنه بالمعنى القانوني ونتسول من مصر أن تسارع إلى إنهاء هذه الأزمة بسرعة وأن تخفف قدر الامكان على هؤلاء المساكين فاذا لم نستطيع أن نقنع قوانا ومسئولينا بالرأفة بنا على مصر أن تشفق علينا قليلاً في ظل قسوة بني جلدتنا ..!!!