بعض الناس يرى أن التنافس في البيع يعود على المجتمعات (أفراداً أو جماعات) بالشحناء، وضياع الطاقات، ويتسبب في زيادة العداوة، والبغضاء، والكره، وغيره؛ إلا أن المشهد مختلف تماماً عند (ناجي وحسين) اللذين يتجاوران ببيع الفلافل في محليهما دون فواصل أو حواجز، حتى أنَّ المارة بالقرب من ميدان عبد الناصر في طولكرم يحسبان أنَّ المحليْن محل واحد.
هذان المحلان رسما لوحة مشرقة في التنافس والعطاء، ويؤكدان على معانٍ سامية "للتنافس"؛ إذ يؤمنان أنَّ التنافس ما هو إلا ممر عبور بالرضا والإيمان بما قسمه الله -عز وجل- من رزق طيب للجميع.
يملك "ناجي وحسين" محلين متشابهين لبيع الفلافل، لا يفصلهما جدار أو زجاج، وفي بعض الأوقات تتخطى أدوات "قلي الفلافل" حدود الآخر، وفي وقت "الزحمة" يتبادل الطرفان المساعدة في "تقليب" أقراص الفلافل؛ خشية من أن تُحرق.
ولم يرث ناجي وحسين من والديهما المحال التجارية فقط؛ إنما ورثا المحبة، والألفة، والقناعة التي عززت علاقتهما؛ ليصبحا أكثر من الأهل والإخوة.
"ازدحام محل، وفراغ آخر من المشترين".. لا يؤثر في نفسية ناجي وجاره، إنما يتبادلان الابتسامات طوال الوقت مؤمنين بقسمة الله لهما، يقول ناجي: "في النهاية لو كانوا أحباء راح ياخدوا رزقتهم، وإن كانوا أعداء راح ياخدوا رزقتهم، فنأخد رزقتنا بالمحبة أفضل".
كلمات ناجي تركت أثرها الطيب بين الناس وبدت قصتهما على كل لسان كدليل على قوة الإيمان بما قسمه الله عز وجل وعلاقة المحبة والود التي جمعتهما منذ عشرات السنين.
يضيف ناجي في سرده عن هذا الإرث العظيم من المحبة والتآخي: "كان المحل عبارة عن بقالة لجده ووالده في سبعينيات القرن الماضي، وقبل الانتفاضة الأولى حوَّل والده المحل لبيع الفلافل إلى جانب جاره الذي سبقه بوقت قصير".
وأوضح ناجي، أن التنافس في البيع أمرٌ جميلٌ ومحبب، ويزيد من قوة العلاقة، والود، والألفة بين المتنافسين؛ ولكن يجب أن يكون ذلك متعلقًا بالإيمان بما قسمه الله عز وجل؛ لتبقى العلاقة متينة، ومليئة بالحب، والألفة، والرضا.