ربما يستفز إطلاق مسمى "بلطجية" على مجموعة من الطلبة كثير من الناس؛ لكن الأكثر استفزازاً هو المشهد المؤسف لمجموعات غوغائيةٍ من الطلبة تعتدي جهاراً نهاراً على مرافق الجامعة، بالتكسير والتهشيم.
ولا شك أنَّ المساس بالمؤسسات التعليمية بغض النظر عن السبب والدافع لتكسيرها وتهشيمها واحد من أكثر الأمور الخطيرة، والتي يجب أن لا تمر مرور الكرام، وفق ما طالب كثير من الغزيين.
الغوغائية داخل الجامعات الفلسطينية لا تتوقف عند جامعة بعينها؛ بل امتدت لكثير من الجامعات دون قدرةٍ من الجهات التنفيذية على ضبط الحالة الأمنية داخلها، وليس ببعيد عنَّا ما حصل في جامعات بير زيت، وأبو ديس، والخليل في الضفة المحتلة نهاية العام المنصرم، وما شهدته تلك الجامعات من مأساة ومشاكل؛ نتيجة عدم إدراك بعض الأطر الطلابية فيها خطورة المرحلة، وخطورة ما قد تصل إليه الأمور جراء تلك الشجارات، كان الطالب هو الخاسر الوحيد فيها؛ نتيجة تعليق الدوام لعدة أسابيع.
وتبع حادثة الاعتداء على الطلبة في بيرزيت حادثة أخرى في جامعة بيت لحم الأسبوع الماضي، عندما قرر إطار طلابي تسليم مقر مجلس طلبة الجامعة لإطار آخر فاز عليه بالانتخابات التي جرت في الجامعة، وسرعان ما اندلعت مشكلة في المكان لم تتوقف إلا بعد ساعات.
المشهد اليوم يتكرر في قطاع غزة، فكانت "البطولة" لدى بعض الأطر الطلابية في جامعة الأزهر، والتي حولت حرم الجامعة إلى ساحة أقرب ما يقال إنها ساحة حرب، هذا المشهد الذي تكرر عشرات المرات في حرم الجامعة، خاصة قبيل أيام قليلة من بدء الاختبارات النصفية لدى طلبتها.
الطلبة في الجامعة الذين يعدون الحلقة الأضعف والمتضررة من هذه المشاجرات ونتائجها، عبروا عن امتعاضهم وسخطهم مما جرى، وما يجري في أروقة الجامعة، مطالبين بإبعادهم عن هذه الأعمال وما ينطبق عليها.
الطالب مصطفى عادل قال: "ليس من الطبيعي ما يجري في الجامعة؛ فلا يجوز أن نربط مصير آلاف الطلبة ومستقبلهم، بمناكفة لدى عدد من ممثلي الفصائل والأطر الطلابية في الجامعة".
وتساءل في حديث مع مراسل "شمس نيوز" عن جدوى وجود الأطر الطلابية في الجامعة إذا لم تقم على خدمة الطالب، وتقديم المساعدات له، بدلًا من الشجار والصراع على النفوذ داخل الجامعة؟".
من ناحيته أشار الطالب إبراهيم إسماعيل إلى أن ما جرى عبارة عن واقع تعليمي وأخلاقي جديد أظهرته تلك الأطر من خلال الشجار واستخدام مقدرات الجامعة فيه، وإتلاف عدد كبير منها، بالإضافة إلى الإصابات التي وقعت بين صفوف الطلبة.
وقال إسماعيل لمراسلنا: "ليس من أخلاق الطلبة استخدام العصي والحجارة والأخشاب داخل الجامعة، وتحويل حياة الطلبة إلى جحيم وساعات خوف على أنفسهم وإعاثة الفساد في محتوياتها".
الباحث والقيادي السابق بالحركة الطلابية أحمد الطناني، أشار إلى أن ما جرى في جامعة الازهر، وغيرها يعد في سياق وضع إدارة الجامعة نفسها طرفًا وخصمًا لأحزاب وتيارات ومجموعات مقابل انتماءها ولونها السياسي التي تريد اثباته حتى لو كان الثمن ضرب كل القيم الاكاديمية والمهنية بعرض الحائط.
وقال: "طلبة الأزهر الحاليين والسابقين يعلمون أن مثل هذا الخلاف ممكن أن ينشأ بين تكتلات طلابية ذات طابع مناطقي أو عشائري، وبغالبه محسوب على ذات الحركة الأم التي تُسيطر على الجامعة".
وأضاف الطناني "لطالما أعطت الجامعة لهذه التشكيلات حرية مضاعفة في الحركة والتكّون والنفوذ وحتى هامش من إمكانية استعمال البلطجة ضد موظفين ومرافق بالجامعة مقابل تحقيق رضى مرجعيات الحركة والمجموعات المذكورة المنطوية تحت أطرها".
ولفت إلى أنه في حال لم تقرر جامعات القطاع وبشكل خاص الأزهر والإسلامية والقدس المفتوحة، التحرر من عباءتها الحزبية كإدارات، والانحياز لمهمتها المهنية والأكاديمية والوقوف على مساحة واحدة من مكونات العمل الطلابي والانضباط للوائح وأنظمة الجامعة وليست للاشتراطات الحزبية التي تأتي جاهزة من خارج الجامعة، فلن تنعم بالاستقرار.
وتابع الطناني: "لن تذهب الجامعات إلى انتخابات لمجالس الطلبة، التي يتحمل المسؤولية المباشرة في تعطيلها إدارات الجامعات التي تمنح لأطر محددة بعينها فيتو على إجراء الانتخابات طالما لم تكن على مقاسها وهلم جر على باقي القضايا المصيرية".