من غزة الى رفح الى جنين الى بيروت الى دمشق اكتمل المشهد الفلسطيني لتتضح الصورة امام الجميع حول وحدة الساحات في مواجهة الاحتلال, تلك الوحدة التي أسست لها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, والتي اطلقت على عمليتها العسكرية اسم وحدة الساحات, لقد تخطى المشهد من غزة الى رفح الى جنين الى بيروت الى دمشق وحدة الجغرافيا والمصير, حيث توحدت الكلمة والمنطلق والموقف والهدف, فكان الاجماع على الثوابت الفلسطينية, والتأكيد على المؤكد ان المقاومة هي خيارنا الذي لا بديل عنه, وان «إسرائيل» هي العدو المركزي الذي لا يمكن ان تحيد البندقية عنه, وان الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هو رصيد المقاومة الذي تراهن عليه دائما, وهو رصيد لا ينفد ولا ينضب, انما يتدفق دائما كالنهر الخالد الذي يعطي بلا حدود, ويمثل القوة الأكبر في يد المقاومة التي تراهن دوما على شعبها الفلسطيني, حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس وامينها العالم القائد المجاهد زياد النخالة وأعضاء مكتبها السياسي, أرادوا ان يجسدوا وحدة الساحات بمعناها الحقيقي, فبعد ان توحد الميدان في وجه العدو الصهيوني, كان لزاما على الاحتلال ان يسمع وحدة الساحات من خلال موقف الشعب الفلسطيني ليدرك ان مخططاته فشلت في ضرب وحدة شعبنا, وان الوحدة نادى بها شعبنا من غزة الى رفح الى جنين الى بيروت الى دمشق بصوت واحد, حيث هتف للمقاومة, وحيا سرايا القدس, وثبت قواعد الاشتباك مع الاحتلال الصهيوني, واكد على ثوابته الفلسطينية التي لا يمكن ان يتنازل عنها مهما بلغ حجم التضحيات, لقد تجسد الفعل ميدانيا وصدق عليه الشعب الفلسطيني بالتأييد والمباركة, وأعطى تأييداً كبيراً للفعل المقاوم بهذه الحشود الكبيرة التي خرجت لترد على نفر من المحرضين والمشككين المنكسرين.
جموع غفيرة من الفلسطينيين خرجت لتشارك في مهرجان وحدة الساحات, لتعلن انحيازها لخيار المقاومة فعليا وعمليا, وترد على من أراد ان يشكك في وحدة الموقف الفلسطيني حول خيار المقاومة ومواجهة الاحتلال, الامر الذي رد عليه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة بالقول: «اننا والإخوة في حماس مقاومة واحدة تحت راية الإسلام وفلسطين والجهاد وكذلك كل قوى المقاومة بكافة عناوينها وفصائلها ومسمياتها»، مؤكداً أن غرفة العمليات المشتركة ما زالت حاجة وطنية يجب الحفاظ عليها وتعزيزها لينهي بذلك أي حالة جديد او تشكيك في علاقة المقاومة بعضها ببعض, وانها لا يمكن ان تقع فريسة لدعايات الاحتلال الصهيوني وسمومه التي يبثها لإحداث شرخ في العلاقة بين الفصائل, فما يجمعنا اكبر بكثير مما يفرقنا, ويكفي ان ندرك ان من يقف وراء هذه الشائعات هو الاحتلال الصهيوني, كي نتحصن منها ونرتدي ثوب الوقاية من هذه الآفات, خطاب الأمين العام تجسد في كلمات نابعة من القلب وتحمل اليقين والصبر والثقة بالله حيث قال: « نلتقي اليوم في مهرجانات الشهادة على امتداد حضور الشعب الفلسطيني، في فلسطين وسوريا ولبنان، وفي كل مكان. لنؤدي التحية وفاءً لكوكبة عظيمة من شهداء شعبنا الذين ارتقوا في العدوان الأخير على قطاع غزة، لا ننكسر، ولا نستسلم، ولا نساوم، وستبقى رايات جهادنا مشرعة عالية تعانق السماء، وأراها اليوم أكثر حضورًا من أي يوم مضى. إنها بركة دماء الشهداء، تنمو وتزدهر، إنهم شهداء لا يموتون، وتبقى قاماتهم عالية بيننا، وعند الله لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، اليوم نطوي القلب حزنًا وافتخارًا، باستشهاد القادة: تيسير، وخالد، وزياد، ورأفت، وسلامة، وإبراهيم، وثلة من إخوانهم، وحشد آخر من الرجال والنساء والأطفال، وبهم وبأمثالهم ننتصر.
الأمين العام وصف حالة البعض الذي حاول ان يغير الواقع الذي نعيشه وقدرتنا على الصمود في وجه الاحتلال وقال: «الكثير من الدول والساسة الجدد محدثي النعمة، والكثير من الكتاب والصحفيين، لا يرون إلا «إسرائيل» ومصالح «إسرائيل» وأمن «إسرائيل»، وينسون فلسطين، وينظرون إلى الشعب الفلسطيني ومقاومته وكأنهم من عالم آخر، أو ينفذون أجندة خارجية. هؤلاء لا يرون قتلانا على امتداد فلسطين كل يوم على أيدي الاحتلال، ولا يرون تدنيس المسجد الأقصى صباح مساء، ولا يرون تفجير البيوت وتدميرها في الضفة الباسلة، ولا يمر يوم دون شهداء وأسرى ومصابين, وعندما نقف ندافع عن أنفسنا، وندفع الموت عن شعبنا، تنبري أقلام الكتبة المأجورين، وبعض الفضائيات، تهاجم المقاومين والمقاومة، وتصفها بالمغامرة، وأنها لا تهتم بشعبها وحاجاته المعيشية, إن حاجة الشعب الفلسطيني الأساسية هي الحرية، والتحرر من الاحتلال الذي يحاصرنا في غزة، وندفع فاتورة هذا الحصار يوميًّا من المرض والجوع والقهر والموت», بالتأكيد ان الحرية لها ثمن, وان تضحيات الشعوب هي التي تصنع دروب الحرية والعزة والكرامة , فالنصر لا يأتي للقاعدين «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ, فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلًا وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَآءًۢ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ» فالنصر يحتاج لتضحيات جسام.