كانت عقارب الساعة تُشير إلى الثامنة صباحًا عندما وصل محمد إلى مكان عمله في بلدية جنين، دخل مكتبه مبتسما ممازحا زملاءه كعادته، جلس وباشر إنجاز مهامه اليومية.
دقائق معدودة مرت كالرياح، مكثها الشهيد محمد أبو نعاسة بين زملائه، قبل أن تقرر البلدية تعليق الدوام حين اقتحمت قوات الاحتلال مخيم جنين، صباح اليوم.
غادر محمد إلى بيته كباقي الموظفين، هرع لاحتضان أطفاله والاطمئنان على أسرته، بدأ يبحث عن طريق آمن يصل بيته من خلالها دون أن يراه القناص الاسرائيلي الذي جاء بحثا عن حلم يخطفه من بين أزقة المخيم.
وجد ذلك القناص هدفه، أطلق رصاصة صوب محمد؛ ليخطف حلم عائلة فلسطينية جديدة، لقد أضحى آدم نجل محمد يتيما، وغادر أبو نعاسة دون أن يسمع كلمة "بابا" من طفلته التي ولدت قبل أشهر.
يندب "عُدي الزغيبي" حظه لعدم إطالة اللقاء مع زميله صاحب القلب الطيب، بشوش الوجه، الأنيق في لباسه، الهادئ في مشيته، ويقول:” لم أتوقع أن يكون اللقاء الأخير".
ويضيف: " لو علمت لأطلت النظر في عينيه، فقد مر هذا الصباح عابرا كأنني الريح والغيمة وهو البلاد والشمس".
بضعة أمتار كانت بين محمد والوصل إلى أطفاله داخل المخيم، قدرها صديقه "عدي" بـ3 دقائق فقط سيرًا على الأقدام، قبل أن يعود محملا على الأكتاف،
يُشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم أطراف مخيم جنين؛ لاغتيال المقاوم عبد الرحمن خازم، شقيق الشهيد رعد منفذ عملية "تل أبيب"، وسط اشتباك مسلح عنيف بين المقاومين وقوات الاحتلال.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة العشرات، صباح اليوم الأربعاء، في الاشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال، والشهداء هم: "أحمد نظمي علاونة - محمد محمود الونة - محمد أبو ناعسة - عبد الرحمن فتحي خازم".
