هنَّ سيدات العالم بالصبر والثبات والتضحية والعلم والعمل، هنًّ غصن الزيتون المتجذر في أرضه ووطنه، يدفعن فلذات أكبادهن للدفاع عن كرامتهن المسلوبة بفعل حواجز الموت المنتشرة في الضفة المحتلة، هنَّ أمهات الشهداء اللواتي يتحملن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بالعزيمة والإصرار.
تحتفل أمهات الشهداء الفلسطينيات في يومهن العالمي الذي يصادف الأربعاء 8 آذار/مارس من كل عام، بمزيد من الصبر والفرح، لقهر المحتل الإسرائيلي، فأم الشهيد تستذكر فلذة كبدها الذي همًّ بتكريم والدته وأخته وزوجته وبناته، لا سيما وأن تكريم المرأة لدى الشهداء ليس محددًا بل هو كل يوم للمرأة الصابرة المرابطة التي تنجب الأبطال.
أم الشهيد إبراهيم النابلسي تُقلب شريط ذكرياتها الجميلة مع نجلها في يوم المرأة العالمي، فتارة تبتسم، وتارة تَغرَق عيناها بالدمع؛ ليرتجف جسدها، وتارة أخرى تترك لسانها يردد: "الحمد لله أن منَّ عليَّ باستشهاد إبراهيم، وجعلني أم الشهيد".
يعتقد العالم أن أمهات فلسطين لا يرغبن بالحياة ولا يدفعن أبناءهن لممارسة الحب والحنان؛ لكن ما تحدثت به أم إبراهيم عن يوم المرأة العالمي يفند تلك المفاهيم الخاطئة، فتقول: "نحن نحب الحياة، نحب الفرح والاحتفال بجميع المناسبات الجميلة كـ "يوم المرأة، ويوم الأم"، لكن الله أكرمنَّا أن نكون في خط الدفاع الأول عن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ندافع عن كرامتنا وإنسانيتنا وعزتنا وشرفنا ووطننا".
تضيف أم إبراهيم في حوارِ مع "شمس نيوز"، "الاحتلال سلب حقوق الفلسطينيين على مدار سنوات عدة، ولم يترك للمرأة يومًا تحتفل به كـ نساء العالم أجمع، فقد قَتل الاحتلال المرأة الفلسطينية واعتقلها وأهانها على حواجز الموت، وخطف أبناءها، وسرق أرضها، فكيف يريد العالم للمرأة الفلسطينية أن تحتفل بهذا اليوم في ظل انتهاكات الاحتلال لحقوق وكرامة الإنسان الفلسطيني.
تستذكر أم إبراهيم هدية نجلها الشهيد بابتسامة وفرح وسرور وتقول: " إبراهيم يُحب المناسبات الجميلة، وفي كل مناسبة يقدم لي هدية ثمينة، أستذكر منها هدية الخاتم، كتب عليه "لا تحزن هو حي"، وعندما استفسرت والدته عن الحي أجابها إبراهيم مازحًا، "ألا تعرفين يا أماه أنَّ الشهيد هو حيًّ".
ابتسمت الأم واندهشت من الإجابة الواضحة والصريحة التي كانت تُهيئها لتقبل نتيجة إصراره في الدفاع عن دينه ووطنه وكرامة المرأة الفلسطينية التي تنتهك يوميًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، تٌشير أم إبراهيم إلى أن نجلها "دافع عن الدين وكرامة المرأة ولم يندفع للانتحار كما يعتقد الجهلة والمرجفون".
فالمرأة الفلسطينية وفقًا لأم إبراهيم هي زيتونة جذورها راسخة ثابتة في باطن الأرض وهي عنوان للتضحية، فهي أم الشهيد وأم الجريح وأم الأسير وأم المطارد، وهي نفسها الشهيدة والجريحة والأسيرة والمطاردة، فهي تعاني مرارة الاحتلال الإسرائيلي.
أم إبراهيم وغيرها من النساء الفلسطينيات لا سيما أمهات الشهداء، يطالبن العالم أجمع بالوقوف سدًا منيعًا أمام الاحتلال الإسرائيلي وإعادة الحقوق إلى أصحابها للاحتفال كـ نساء العالم أجمع بالحقوق والحرية وحق العبادة.
"يوم المرأة العالمي، خُلق لنساء فلسطين، فهنَّ الصابرات المحتسبات، اللواتي يدفعن أغلى الأثمان من أجل الدين والوطن والكرامة، فهي الشهيدة والمقاومة والأسيرة والجريحة" بهذه الكلمات بدأت أم الشهيد محمد أبو بكر جنيدي حديثها لمراسل "شمس نيوز".
تفتقد أم الشهيد محمد لنجلها في جميع المناسبات؛ لأنه إنسان يحب تكريم المرأة سواء في يومها العالمي أو في يوم الأم، فتُشير إلى أن نجلها الشهيد يعتبر أن للمرأة لا يوم محدد لها؛ فكل يوم هو يومها.
يستغل محمد جميع المناسبات الجميلة ليتواصل مع جميع أمهات الشهداء والأسرى، فهو يتمسك بما ورد عن الأثر: "ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم"، كما يتمسك بما ورد عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
وتركت أم الشهيد محمد رسالة إلى المرأة في العالم أجمع إذ دعت الدول الغربية لتعزيز حقوق المرأة الفلسطينية التي تنتهكها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتقول: "أبناؤنا ليسوا إرهابيين فهم مدافعون عن الوطن والدين والكرامة".
أم الشهيد محمد وجهت سؤالًا للمرأة الغربية قائلة: "هل تترك المرأة الغربية شخصًا يحتل بيتها وأرضها ويقتل أبناءها بدم بارد وأمام عينها وتقف مكتوفة الأيدي؟، نحن ندافع عن حقوقنا وكرامتنا، وعليكم جميعًا أن تقفوا إلى جانب المرأة الفلسطينية أمام العدو الإرهابي المجرم.