يزور الان وفد امريكي رفيع المملكة العربية السعودية لدفع عجلة التطبيع بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني، وتستميت الإدارة الامريكية لتحقيق اختراق في هذا الملف، وهي تحاول تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين السعودية و "إسرائيل" حيث تواصل الولايات المتحدة العمل خلف الكواليس للدفع قدما باتفاقية تطبيع محتملة بين السعودية وإسرائيل، حسبما قال مسؤول أمريكي لشبكة CNN. وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ناقش مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، توسيع التكامل الإقليمي لإسرائيل ومواجهة "التهديدات" التي تشكلها إيران"، ويبدو ان دوافع الإدارة الامريكية لدفع عجلة التطبيع تعاظمت بعد إعادة العلاقات السعودية الإيرانية, وفي اعقاب انضمام السعودية لمجموعة "بريكس" وحرصا من الإدارة الامريكية على انقاذ نتنياهو من الأوضاع الداخلية المتأزمة, وسياسة الصهيونية الدينية بزعامة ايتمار بن غفير وبتسلائيل سموتريتش التي تدفع باتجاه عزل "إسرائيل" عن محيطها العربي والإسلامي في المنطقة, فتحاول الإدارة الامريكية انقاذ إسرائيل من نفسها ومحاولة تقويتها في المنطقة وتعزيز نفوذها بالتطبيع مع المملكة العربية السعودية التي تعتبر القوة الاقتصادية الأكبر في المنطقة, والتي ستخدم "إسرائيل" بشدة في حال إقامة علاقات معها, وتفشل التقارب السعودي الإيراني, والنفوذ الروسي الصيني المتغلغل في المنطقة والذي يهدد المصالح الامريكية, ويسعى الى انهاء سياسة القطب الواحد, وان يصبح العالم متعدد الأقطاب, والإدارة الامريكية تدرك جيدا ان هذا يمثل خطرا شديدا عليها, وان الضمانة الوحيدة لبقاء نفوذها في المنطقة, يتمثل بزيادة قوة "إسرائيل" السياسية والعسكرية والاقتصادية, وقيادتها لسياسة الشرق الأوسط بوجهه الجديد الذي تسيطر فيه "إسرائيل" وتسود ويتسع نفوذها, والذي يضمن بالتبعية سيادة الإدارة الامريكية عليها بالكامل.
المملكة العربية السعودية تخلت عن المبادرة العربية التي طرحتها في قمة بيروت عام 2002م والتي بنيت على قرارات الشرعية الدولية, ويبدو ان القيادة السعودية باتت تدرك استحالة تطبيق هذه المبادرة في ظل حديث "إسرائيل" عنها انها لا تساوي الحبر الذي كتبت به, لذلك تحولت المملكة العربية السعودية الى البديل, بعد ان قدمت "رشوة" لسلطة محمود عباس بتوفير الدعم المالي المقرر لها في مقابل السماح للملكة بإقامة علاقات مع "إسرائيل" وان لا تتعرض للهجوم والانتقاد من السلطة على مواقفها, والسلطة ليس لديها موانع باتجاه التطبيع العربي الإسرائيلي ولكنها تريده تطبيع "ممهور" بمعني ما هي العوائد التي ستعود عليها من وراء هذا التطبيع, سواء عوائد مادية, او دعم لوجستي للسلطة وأجهزتها الأمنية, ومشاريع اقتصادية, وتعزيز الشراكة بينها وبين الدول العربية المطبعة مع الاحتلال الصهيوني, على اعتبار انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, وان محمود عباس يمثل السلطة والمنظمة وفتح, ولا شريك له ولا بديل عنه, اما المملكة العربية السعودية التي تخلت عن "مبادرة السلام العربية" التي اطلقها الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في قمة بيروت 2002م فحددت البدائل لضمان التطبيع مع "إسرائيل" فطرحت دخول الولايات المتحدة الأمريكية في عملية مشتركة مع المملكة العربية السعودية بخصوص البرنامج النووي السعودي، والتوقيع على آلية دفاع مشترك أمريكي سعودي ملزمة لأمريكا ضد التهديدات الموجودة والمحتملة والمستقبلية في المنطقة، والموافقة على استئناف عمليات شراء ونقل خبرات وتوطين الأسلحة المتطورة، ويقدم المسؤولون الإسرائيليون على أعلى المستويات أيضا تنبؤات إيجابية بشأن اتفاق سلام مع السعودية، ولا يخفون رغبة "إسرائيل" في ذلك, الا ان "إسرائيل" لا زالت تتحفظ على البرنامج النووي السعودي المطروح, وطبيعية التسليح الأمريكي للسعودية.
السؤال المطروح الان هل المملكة العربية السعودية مقبلة على خطوة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني, صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصادر أمريكية رفيعة أن واشنطن والرياض اتفقتا على البنود الأساسية لاتفاق اعتراف السعودية بإسرائيل مقابل شروط, وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على البنود العامة لاتفاق اعتراف السعودية "بإسرائيل"، وأشارت مصادر الصحيفة إلى "الأمل في أن يكون بدء العمل على أدق التفاصيل المتعلقة بالاتفاق خلال الأشهر 9 إلى 12 القادمة, كما زعمت الصحيفة نقلا عن المصادر الأمريكية، التي تعتبر طرفا مشاركا في هذه الصفقة، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، جاد في التوصل إلى اتفاق، بينما تقول مصادر سعودية إن ولي العهد أبلغ مساعديه بأنه غير مستعد لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، على غرار العلاقات التي أقامتها الإمارات, ويبدو ان المملكة ستتجه تدريجيا نحو التطبيع مع "إسرائيل" في محاولة لاستجلاب تنازلات مرحلية لصالحها, فمع كل خطوة جديدة تريد المملكة السعودية تحقيق مكاسب ذاتية لصالحها, وتظهر بانها تساند السلطة في مواقفها السياسية المستندة الى قرارات ما يسمى "بالشرعية الدولية", وبالتالي تظهر انها طبعت علاقتها مع "إسرائيل" لخدمة مصالح السلطة, ويبدو ان هذا السيناريو متوافق عليه بين السعودية و"إسرائيل" والسلطة خلال لقاءات "نيوم" التي جمعت قيادات صهيونية كبيرة ونافذة مع مسؤولين سعوديين وقيادات في السلطة الفلسطينية, وتم التوافق على سيناريو التطبيع المتكامل بين المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" ولكن بشكل تدريجي خوفا من معارضة السعوديين للتطبيع وافشاله.