"نفسي أحضن أبنائي أحياء، وأجلس معهم على مائدة طعام واحدة، جنود الاحتلال حولوا منزلي إلى كابوس موحش، عندما أنادي على أحد من الأبناء يعود إليَّ صدى صوتي حزينًا مؤلمًا دون إجابة"، هذه الصورة القاسية المحزنة تعيشها المسنة فوزية الفسفوس (75 عامًا) بشكل يومي على أمل أن تحتضن أبنائها المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
المسنة فوزية الفسفوس من مدينة دورا التابعة لمحافظة الخليل بالضفة المحتلة هي والدة لـ (7) من الأبناء الذكور (5) منهم معتقلين لدى الاحتلال الإسرائيلي، أبرزهم الأسير كايد المضرب عن الطعام منذ (54 يومًا) احتجاجًا على اعتقاله الإداري منذ شهر مايو الماضي، والسادس محمود مطارد لقوات الاحتلال أما السابع ناصر أكبرهم هو مقيم في مملكة الأردن.
تتفحص المسنة فوزية منزلها (4 طوابق) يوميًا بشكل جيدًا؛ لتستذكر جزءًا من ذكرياتها قبل (عام 2000) هناك كان يجلس أبنائها " ناصر وكايد وحسن وأكرم وخالد وحافظ ومحمود": "كنا نجلس على مائدة طعام واحدة نأكل ونشرب ونلهو؛ لكن منذ بداية الانتفاضة تحولت حياتنا إلى كابوس مرعب بسبب قوات الاحتلال".
يطفو الحزن سريعا على نبرات صوتها؛ ويبدو أن قطرات دموعها الساخنة بدأت تتجمع حول بؤبؤ عينها تقول: "زوجي توفى قبل سنوات عدة وجميع أولادي في السجن ولم يبقَ في المنزل الواسع إلا أنا، يزورني أحفادي يوميًا قلبي يرقص بالفرح والسعادة عندما اشتم رائحة أبنائي على ملابس أبنائهم".
تتوقف المسنة فوزية قليلًا عن ترديد معاناتها، لتُشير إلى معاناة نجلها "وضع كايد في سجن عسقلان صعب جدًا لا يستطيع السير على قدميه وفقد الكثير من وزنه نتيجة الإضراب عن الطعام".
"أمانة يا بني بدي صوتي يصل للعالم أجمع ولمراكز حقوق الانسان.. بدي ابني حي يرزق واحضنه وأبوسه"، لم تتمكن المسنة فوزية من حبس دموعها التي انهمرت بشكل كبير وتوقف الحديث عبر الهاتف مع مراسل شمس نيوز لثوانٍ معدودة قبل أن تعود مستذكرة الحدث الذي وقع قبل نحو أسبوع تقريبًا.
"كان كايد على موعد مع جلسة للاستئناف في محكمة الاحتلال الإسرائيلي، ذهب المحامي إلى سجن عسقلان للقاء كايد واصطحابه معه إلى المحكمة؛ لكن كايد لم يتمكن من الوقوف على قدميه جلبت إدارة السجن لكن وضعه الصحي لم يسعفه من الوقوف أمام قاضي جلسة الاستئناف لتتأجل الجلسة لوقت آخر"، كما قالت والدته فوزية.
تواصل المسنة فوزية حديثها عن نجلها كايد بألم شديد وقلب محترق خشية عن حياته: "قبل أيام اتصل بي شاهد عيان يخبرني أن الاحتلال نقل كايد على شيالة المرضى لعيادة مدنية بسبب سوء وضعه الصحي".
صوت المسنة فوزية يكاد يختنق وهي تتحدث عن خطورة الحالة الصحية والجسدية لنجلها كايد لكنها تحاول قدر المستطاع أن يصل صوتها للجميع: "أفكر جديًا بالشروع بالإضراب عن الطعام لمساندة كايد في إضرابه المشروع وفق القانون لينال حريته".
خمسة أشهر لم تلتقِ عين المسنة فوزية بعين نجلها كايد ولم تحتضن جسده الطيب: "أناشد جميع أحرار العالم للعمل على تحرير كايد ليعود إلى حضني وأطفاله الصغار، ليعيد الحياة إلى منزلي الموحش بعدم وجوده ووجود أشقائه المعتقلين".
يُشار إلى أن الأسير كايد الفسفوس أسير سابق في سجون الاحتلال وقد أمضى نحو 7 سنوات في السجون، وأعيد اعتقاله بتاريخ (2/5/2023) وكان قد خاض إضرابا عن الطعام لمدة (131 يوما) ضد اعتقاله الإداري عام 2021، وهو متزوج وأب لطفلة، ولديه أربعة أشقاء في سجون الاحتلال.
وتساءلت الطفلة جوان كايد الفسفوس في مقطع فيديو مؤثر جدًا تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي: "أين أنتم يا عرب.. أين أنتم يا مسلمين.. أبي مضرب عن الطعام منذ 54 يومًا، لا أطلب منكم أموالاً ولا أطلب أكلاً أو شرباً... فقط أريد أبي حرًا بصحته وعافيته.. خاصة أنوضعه الصحي في خطر شديد ويتدهور بشكل مستمر".