يوافق الحادي والعشرين من شهر إبريل/ آذار من كل عام، يوم الشعر العالمي، وهو مناسبة تحتفي بالإبداع الشعري وأهميته في إثراء الثقافة الإنسانية وتعزيز الحوار بين الشعوب، إذ أقرّت "اليونسكو" هذا اليوم في عام 1999م، ليكون فرصة للاحتفاء بالشعراء وترسيخ قوة الشعر في التعبير عن القيم الإنسانية.
ويُعدُّ الشعرُ أسلوباً من أساليب التعبير الإنساني منذ أن نطق البشر بلغاتهم، وطرأ عليه تطورات حسب الثقافات المتنوعة، إذ بدأت الحفريات التعبيرية بالصور، ثم أخذت منحى مختلفاً إلى أن وصلنا للكتابة بالأحرف وتشكيلاتها؛ ليبدأ الشعر الوصَّاف للحياة العامة، ومع تطوره انشغل الشعر بهموم وقضايا الإنسان التي انطلقت من الذاتي إلى العام.
ويحتفي الفلسطينيون بهذا الفن العابر للأزمنة، والناطق بلسان الإنسانية، ليس كونه مجرد كلمات تُلقى أو نظمٍ مُقفى، بل كفعلٍ مقاومٍ، وصوتٍ حقٍّ، وجسرٍ يصل بين الروح والحقيقة.
وقال عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكُتَّاب والأدباء الفلسطينيين، الشاعر ناصر عطالله، إن "الشعر حمل القضية الفلسطينية ليرضع الغيم من ذاكرة الأرض المنهوبة، ويثبت الأسماء العليا للشهداء الشعراء الكبار الذين في حضرتهم أصبح الشعر النداءات الشامخة، والعناقيد النورانية المتدلية نحو علوها مطالبةً بالخلاص من الاحتلال، وطامحة بالحرية اللامساس فيها، الجليلة بكل أبعادها".
ويرى الشاعر عطالله، في حديثه مع "شمس نيوز"، أن دخول الشعر لحقل المقاومة والنضال الفلسطيني كان واجباً لا مناص منه، فشعراء الأرض المحتلة ومِن قبلهم شعراء فلسطين الذين واجهوا الانتداب البريطاني كتبوا عن ظروفهم وواقعهم وحقوقهم وطموحاتهم، ما جعل الشعر الفلسطيني يأخذ مكانته كأداة مواجهة ومقاومة.
ولفت إلى أن الشعر الفلسطيني كان دوماً شاهداً ومشاركاً في مسيرة نضالنا الطويلة؛ فكان صوتاً للشهداء، وحبراً للأسرى، وصدىً للمهجّرين والمبعدين، مبيِّناً أنه ظلَّ منحازاً للإنسان، ومتشبثاً بالأرض، ومتجذراً في التاريخ، وممتداً نحو المستقبل.
وأوضح عضو الأمانة العامة لاتحاد الكُتَّاب والأدباء الفلسطينيين، أن "الشعراء لعبوا دوراً هامًا في توثيق مسيرة وسيرة شعبهم بكل تفاصيلها ودقائق أمورها، بما فيها أصالتهم، وتراثهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وحمّلوا الشعر كل هذا لتوثيق حياة الفلسطينيين الأوائل حتى مقتلة غزة، لذا يعتبر الشعر ذاكرة الشعب الفلسطيني".
وبرز الشعراء كناطقين إبداعين بلسان شعبهم، وتثبيت تراثهم، وأصالتهم، ودفاعهم عن مصيرهم، وفق ما ذكره الشاعر عطالله، ولذا اعتبرهم الاحتلال أخطر من سواهم، فقرر اغتيال بعضهم، أمثال: "عبد الرحيم محمود، ومحمود درويش، وتوفيق زياد، وغسان كنفاني وغيرهم".
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
وأشار الشاعر عطالله أن دعم القضية الفلسطينية واجب بتشعب الأدوات الوسائل والإمكانيات، ولأن الشعر واحد منها كان دوره كبيراً في مواصلة صوت المسحوقين، والمحرومين، والمقاومين، وحتى العاديين من الناس للمحلي والإقليمي والعالمي.
ولذلك يعتبر عطالله، يوم الشعر العالمي "فرصة من الفرص التي نستثمرها لنرفع صوت شعبنا من خلال القصيدة، وعدم انقطاع صوت الشعراء بالتعبير عن معاناة شعبه وطموحاته، وإسماع الدنيا المعنى الحقيقي للإنسانية"، مشيراً إلى أن الظلم إلى زوال، وأنَّ زهرة الحرية لا تذبل مهما جفف الظالمون مياه الحياة.
وجدَّد العهد على أن مواصلة حمل الكلمة الحرة، مؤكداً أن القصيدة الفلسطينية ستبقى سيفاً مشرعًا في وجه الظلم، ومنارة تضيء الدرب نحو الحرية والاستقلال.
ودعا جميع الشعراء في العالم إلى جعل أصواتهم جسراً للتواصل والحوار، وموقفاً أخلاقياً ضد كل أشكال الاحتلال والقهر والاستبداد؛ "فالشعراء حراس الحلم من خلخلة زمن الرمل وهم سدنة الوعي النقي المنازِل".