شمس نيوز/منى حجازي
تعد المرأة جزءًا أصيلًا من مكونات أي مجتمع، لا تنفضل آمالها وطموحاتها عنه بل تعتبر ركيزة أساسية للتطلع لواقع أفضل للأجيال القادمة، وللمرأة الفلسطينية خصوصية تنبع من خصوصية الحالة الفلسطينية.
فالاحتلال والانقسام يؤثران بشكل مباشر على أوضاع المرأة الفلسطينية، والأدوار المنوطة بها على طريق التنمية المجتمعية.
ومنذ بداية القرن العشرين، انخرطت المرأة الفلسطينية في النضال، فبعد صدور وعد بلفور واشتعال نيران الثورة، وقفت جنبا إلى جنبا مع الرجل في احتجاجه واعتصامه ومظاهراته في المطالبة بوقف هجرة اليهود إلى فلسطين وإلغاء الوعد، وبدأت بإنشاء جمعيات نسائية لخدمة الهدف الوطني.
وفي أعقاب احتلال الأراضي الفلسطينية سنة 1948م وتهجير الشعب الفلسطيني تأسست عدة مؤسسات اجتماعية للمحافظة ورعاية المجتمع الفلسطيني وخاصة الفقراء والأيتام من أبناء الشهداء وغيرهم، وأخذت المرأة تقدّم المساعدات التعليمية والصحية، وبدأ الفلسطينيون تنظيم أنفسهم في حركات وطنية وحزبية رافضة للاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم ومقدساتهم، وقد انضمت المرأة لهذه التنظيمات بحكم موقعها الاجتماعي.
وبعد حرب حزيران 1967، واستيلاء "إسرائيل" على الجزء المتبقي من فلسطين، حدثت بعض التغيرات الاقتصادية والاجتماعية أثّرت على المجتمع والأسرة والمرأة الفلسطينية، مما اضطرها إلى دخول سوق العمل كمعيلة لأسرتها، وخاصة بأن معظم الرجال أصبحوا في سجون الاحتلال وتقيدت حركتهم، فعملت في وظائف لا تحتاج إلى المهارة وبأجر أقل.
وعلى صعيد الحركات النضالية، فقد ساهمت المرأة الفلسطينية في النضال الفلسطيني العلني والسري، كمقاتلة وداعية سياسية ومنظمة للعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
واندمجت في الأحزاب والحركات السياسية، وكان الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي تأسّس بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م مركزا مهما لنشاط المرأة الفلسطينية في مختلف مناطق وجود الشعب الفلسطيني.
وبعد عام 1978، شكلت النساء في فلسطين المحتلة لجان العمل التطوعي على شكل أطر جماهيرية نسوية، تقوم بالخدمات الصحية والتعليمية، والزراعية.
كما لعبت المرأة دوراً مميزاً في دعم انتفاضة 1987، عبر المساهمة الفاعلة في تشكيل اللجان الشعبية على مستوى الأحياء، وقد أنشأت عددا من المراكز النسوية المتخصصة لطرح قضايا المرأة الاجتماعية، ونشر الثقافة والتوعية بين النساء.
وبعد قدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، شاركت المرأة الفلسطينية في حقها الانتخابي وأدلت بصوتها، وفرزت مرشحات إناث يمثلنها في المجلس التشريعي الفلسطيني، فبعد استلام السلطة الفلسطينية لغزة وأريحا أولاً، ومماطلة إسرائيل لتنفيذ بنود الاتفاق، أنشأت السلطة عدة لجان تكنيكية لمساعدتها في تحديد احتياجاتها التنموية، والاحتياجات السياسية للوقت الحالي والمستقبل ـ كهيئات انتقالية لصنع القرارات، وقد اشتملت هذه الهيئات على تمثيل نسائي، وخاصة اللجنة التكنيكية لشؤون المرأة ضمن اختصاصها.
وقد نجحت 5 نساء من المرشحات الـ28 في المجلس التشريعي الفلسطيني بنسبة 5.7% من أصل 88 عضواً.
إذاً إن حال المرأة الفلسطينية أخذ يتحسن عمّا كان عليه، فثمة نسبة أكبر من النساء أصبحن يجدن القراءة والكتابة، وثمة عدد كبير منهن يتبوأن مواقع عليا في المستويات السياسية على مستوى الأحزاب السياسية أو المؤسسات.
لكن ماذا عن المستقبل؟
الكاتبة والإعلامية هداية شمعون تستشرق لنا مستقبل المرأة في ظل الأوضاع الراهنة بالمقارنة الموجزة لمعاناتها مستندة للمنعطفات التاريخية السياسية التي واجهتها المرأة، تقول: " عانت المرأة الفلسطينية ما يكفي من سياسات الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى على مدار الفترات الماضية، ومنذ نكبة فلسطين، ولازالت حاليا تعاني إفرازات مرحلة أوسلو وفترة الانقسام الفلسطيني، حيث تعتبر المرأة الفلسطينية حجر الأساس في انعكاسات كل هذه الظروف السياسية اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا وصحيا أيضا".
وتضيف بالقول: "إن أبجديات مطالب النساء في ظل الوضع السياسي الراهن هو إنهاء الاحتلال بالمقام الأول، والنشود إلى استقرار وأمان افتقدته طويلا، والتطلع دوما إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية والتئام البيت الفلسطيني الداخلي، والذي من شـأنه أن يحقق وحدة موضوعية ومركزية في شكل الدولة الفلسطينية الواحدة التي تطمح لها كل نساء فلسطين، وبما يحقق آمال كل الشعب الفلسطيني".
وتابعت: "كما أن المستقبل الأفضل يعني دولة محررة مستقلة ومستقرة ويعني انتخابات حقيقية وتمثيل لكل أطياف الشعب الفلسطيني، ويعني أيضا دعم مشاركة النساء في المشاركة السياسية والنقابية وكل المجالات، ومشاركة في الوعي الاقتصادي وتحقيق متطلبات النوع الاجتماعي، كل ما سبق من شأنه أن يلبي بعضا من مطالب المرأة الفلسطينية".