شمس نيوز/تمام محسن
تتزاحم المقترحات والمشاريع الساعية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي الدائر منذ عقود طويلة، وكان آخرها مبادرة لدول الخليج العربي، والتي تقترح إنشاء علاقات تطبيعية مع "إسرائيل" مقابل وقف بناء مستوطنات جديدة ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وبحسب وثيقة سرية كشفتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الإثنين، تقترح دول الخليج إقامة اتصالات مباشرة مع "إسرائيل" والسماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجوائها وإلغاء القيود على التبادل التجاري. في المقابل تقدم "إسرائيل" عرضًا للسلام مع الفلسطينيين يتضمن وقفًا لبناء المستوطنات في بعض المناطق في الضفة والسماح بحرية التجارة مع قطاع غزة.
وقدّمت الدول مبادرتها إلى الولايات المتحدة و"إسرائيل" قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، في أولى جولاته الخارجية منذ توليه مهامه الرئاسية في يناير الماضي.
جدير بالذكر، أن دول الخليج لا ترتبط بـ" إسرائيل" بعلاقات دبلوماسية رسمية، على غرار كلا من مصر والأردن الموقعتين على اتفاق سلام مع تل أبيب.
لكنها تسعى -وفق محللون- إلى تحسين علاقتها مع "إسرائيل"، مدفوعين بمخاوف مشتركة من خطر "التمدد الإيراني" في المنطقة.
فهل تنجح دول الخليج في تحريك المياه الراكدة لعملية السلام؟ وما هو مستقبل المبادرة العربية في ظل الطرح الجديد؟
على الصعيد الفلسطيني الرسمي، ووفقًا للصحيفة، قال مستشار الرئيس للشئون الاستراتيجية حسام زملط: "إنَّنا لا نمانع إقامة علاقات بين إسرائيل والعالم العربي. لكن هل هذا هو المدخل للسلام. أم أنَّه عائقٌ أمامه؟".
وفي السياق، يرى عثمان عثمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، أن الطرح الخليجي من شأنه نسف المبادرة العربية للعام 2002 القائمة على حل الدولتين، قائلًا إن العرض هو محاولة لإرضاء الجانب الإسرائيلي في ظل جمود عملية "السلام" وعجز عربي لتحريك هذه الجمود وانشغاله في قضايا أخرى.
وأضاف أن المبادرة، تعكس إرادة سعودية وخليجية لتطبيع كامل مع "إسرائيل" مقابل وقف جزئي للاستيطان لا يشمل مدينة القدس، مشيرًا إلى أن المستفيد من العرض بالدرجة الأولى هي "إسرائيل" إذ ترمي لـ "كسر الحاجز النفسي مع العرب وغزوهم اقتصادياً دون تقديم أي تنازل".
من جهة ثانية، قال المحلل السياسي هاني حبيب، إن المبادرة الخليجية تستلهم المبادرة العربية التي أقرتها القمة بيروت، لكن من الواضح أن مثل هذه المبادرة على قائمة البحث لان إسرائيل ترفضها قبل إجراء تعديلات عليها.
ويضيف: من الواضح أن هناك مسعى أمريكي في ظل الإدارة الجديدة لإحداث اختراق في الملف الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق صفقته التاريخية بما يستدعي عقد مؤتمرًا إقليميًا تشارك فيه الدول العربية و"إسرائيل" لاستئناف عملية تفاوضية بغطاء عربي.
وفي الوقت ذاته، تحاول دول الخليج استغلال زيارة ترامب والقمم الثلاث التي ستعقد في الرياض لأجل تسهيل الأمور على الإدارة الأمريكية للوصول إلى تسوية سياسية للصراع، وفق حبيب.
إيران..العدو المختلق***
من جهة ثانية، أشار عثمان إلى أن السعودية تسعى لتزعم العالم السني في المنطقة، وهي ترى في إيران "خطرًا" على طموحها السياسي.
وهو ما ذهب إليه المحلل حبيب، بالقول إن المخاوف الخليجية من إيران "مفتعلة" إذ تسعى الأولى لإنشاء علاقات مع الجانب الإسرائيلي بحجة أن العدو الحقيقي هو إيران، وأضاف أن أي إزاحة لعناصر أخرى- عدا إسرائيل- باعتبارها العدو يرمي للدفع نحو تشكيل قوى عسكرية مشتركة.
وأشار إلى، تعاون "تحت الطاولة" بين عدة دول خليجية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، من خلال إجراء مناورات مشتركة وتبادل زيارات رسمية، بغية تهيئة الأجواء لتطبيع العلاقات مع تل أبيب وترويض الشارع العربي للقبول بهذا الأمر على اعتباره ضرورة ملحة.
إلى ذلك، يتفق المحللان أن الطرح الخليجي لن يسفر عن تحقيق أي تحريك ملموس في عملية السلام، إذ يوضح حبيب أن اليمين الإسرائيلي لن يقبل بتجميد الاستيطان أو منح الفلسطينيين حتى الحد الأدنى من حقوقهم الثابت.