غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

تعرف على حجم الدعم العسكري لأوكرانيا

الجيش الأوكراني.jpeg
شمس نيوز - كييف

لا يحتاج المرء إلى التعمق كثيرًا في تطورات الصراع الروسي ـ الأوكراني القائم حاليًا، ليدرك أن الغرب هو من يخوض المعركة مع موسكو بالجيش الأوكراني بشكل واضح علني، كون الغرب يحاذر ويخاف الاصطدام المباشر معها على الأرض.

وقد ظهر ذلك جليًا ليس فقط من خلال الاصطفاف الأوروبي وراء واشنطن، وتوحدهم لفرض عقوبات مالية واقتصادية على روسيا، بل الأهم، تسخير كافة العواصم الغربية قدراتها العسكرية والتسليحية والالكترونية، وفتح أبواب مخازنها أمام كييف، في محاولة لمنع موسكو من تحقيق النصر، والنيل من قواتها وإفشال أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ما هو حجم الدعم العسكري لأوكرانيا؟

صباح الأحد الماضي، وفي قاعدة "أماري" الجوية في شمال إستونيا، تم تحميل كميات كبيرة من البنادق والذخائر وأسلحة أخرى، على واحدة من أكبر طائرات الشحن في العالم، أنتونوف AN-124، التابعة للقوات الجوية الأوكرانية، في عملية تعتبر جزءًا من جسر جوي واسع، وصفه المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون بأنه سباق يائس مع الزمن، لإيصال أطنان من الأسلحة إلى أيدي القوات الأوكرانية.

ففي أقل من أسبوع، أرسلت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أكثر من 17000 سلاح مضاد للدبابات، بما في ذلك صواريخ من طراز "جافلين"، عبر حدود بولندا ورومانيا، حيث تم تفريغها من طائرات الشحن العسكرية العملاقة، لتسلك طريقها عبر البر وصولًا إلى كييف، والمدن الكبرى الأخرى.

ماذا عن العمليات السيبرانية المباشرة ضد روسيا؟

في الواقع لم يقتصر الدعم الغربي على العتاد الحربي فقط، فما رأيناه أو سمعنا عنه، ليس سوى المساهمات الأكثر وضوحًا. المفاجأة الكبرى، هي وجود قواعد غربية خفية (سرية) في جميع أنحاء أوروبا الشرقية، وهي تضم قوات من القيادة الإلكترونية الأمريكية المعروفة باسم "فرق الإرسال الإلكتروني"، ومهمتها التدخل في الهجمات والاتصالات الرقمية الروسية. أما قياس معدل نجاحها فهو أمر صعب، كما يقول المسؤولون الأميركيون.

ويلتزم المسؤولون الحكوميون الأميركيون بالصمت بشان الأمر، قائلين إن العمليات الإلكترونية الجارية، والتي تم نقلها في الأيام الأخيرة من مركز عمليات في كييف إلى مركز خارج البلاد، هي واحدة من العناصر الأكثر سرية في الصراع.

تبعًا لذلك، تتتبّع فرق الإرسال السيبراني بعض الأهداف الروسية المألوفة، بما في ذلك أنشطة GRU، جهاز المخابرات العسكرية الروسية، لمحاولة تحييد نشاطهم.

ليس هذا فحسب، ففي واشنطن وألمانيا، يتسابق مسؤولو المخابرات لدمج صور الأقمار الصناعية مع اعتراضات إلكترونية للوحدات العسكرية الروسية، ثم يتم إرسالها إلى الوحدات العسكرية الأوكرانية في غضون ساعة أو ساعتين.

المثير للسخرية، أن أميركا لا تثق بحلفائها الأوكران. فتبادل المعلومات الاستخباراتية أمر محفوف بالمخاطر بالنسبة لها. المسؤولون الأمريكيون مقتنعون بأن الوكالات العسكرية والاستخباراتية الأوكرانية مليئة "بجواسيس روس"، لذا فهم حريصون على عدم توزيع معلومات استخباراتية خام تكشف عن مصادرها. ويقولون إنهم لا ينقلون معلومات استخباراتية محددة من شأنها أن تخبر القوات الأوكرانية بكيفية ملاحقة أهداف محددة. إضافة الى ذلك، لا تخفي واشنطن قلقها من أن القيام بذلك سيعطي روسيا ذريعة لتقول إنها تقاتل الولايات المتحدة أو "الناتو"، وليس أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن ما يجدر التوقف عنده ـ وفي دلالة على حجم الاستثمار الأميركي بشخص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي كحصان طروادة لتنفيذ مشاريع واشنطن ومخططاتها، هي الحماية الاميركية المباشرة التي يتمتع بها والتي تساعده في البقاء بعيدًا عن أعين ومتناول القوات الروسية في كييف، إذ يحظى زيلنسكي خلال سفره بمعدات اتصالات مشفرة، قدمها الأمريكيون له، وهي تمكنه من اجراء مكالمات آمنة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.

استخدم زيلنسكي هذه المعدات، ليلة 5 آذار/ مارس الماضي، لإجراء مكالمة مدتها 35 دقيقة مع نظيره الأمريكي حول ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في جهودها لمساعدة أوكرانيا دون الدخول في قتال مباشر على الأرض، أو في الجو أو في الفضاء الإلكتروني مع القوات الروسية.

وفي محاولة للحد من التفوق الجوي الروسي، واستجابة للرئيس الاوكراني، أعربت بولندا عن استعدادها لوضع طائراتها من طراز ميغ-29 (المستهلكة جدا) "فورًا ومجانًا" تحت تصرف الولايات المتحدة ونقلها إلى قاعدة رامشتاين في ألمانيا.

المفارقة ان الطرح البولندي قوبل بردّ اميركي أفقد وارسو ماء الوجه، حيث قالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والآسيوية في جلسة أمام مجلس الشيوخ "على حد علمي لم يتم التشاور معنا مسبقًا أنهم خططوا لمنحنا هذه الطائرات".

لماذا سرّعت واشنطن عمليات نقل الأسلحة لأوكرانيا؟

عند التدقيق في الفترات الزمنية لعمليات تسليم الأسلحة الأميركية لكييف، نجد فوارق مثيرة للانتباه. ففي آب 2021، أعلنت واشنطن عن حزمة أسلحة بقيمة 60 مليون دولار لأوكرانيا، إلا أنها لم تكتمل حتى تشرين الثاني من ذلك العام، على حد قول البنتاغون.

ولكن عندما وافق بايدن على 350 مليون دولار من المساعدات العسكرية في 26 شباط الماضي، تم تسليم 70 في المائة منها في غضون خمسة أيام (كانت الشحنات الأولى، إلى حد كبير من ألمانيا، تصل إلى المطارات بالقرب من الحدود الأوكرانية). وتعليقا على ذلك، قال المسؤولون الأميركيون إن السرعة اعتبرت ضرورية، لأن المعدات ـ بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات ـ كان عليها أن تمر عبر غرب أوكرانيا، قبل أن تبدأ القوات الجوية والبرية الروسية في مهاجمة الشحنات.

زد على ذلك، أن الجيش الأميركي كان قادرًا على ايصال الشحنات بسرعة من خلال الاستفادة من المخزونات العسكرية الموجودة مسبقًا، والجاهزة للانطلاق على طائرات النقل التابعة للقوات الجوية C-17، وطائرات الشحن الأخرى، ونقلها إلى حوالي ست قواعد انطلاق في البلدان المجاورة، ولا سيما في بولندا ورومانيا. ونظرًا لأن روسيا تستولي على المزيد من الأراضي داخل البلاد، يسود الاعتقاد في معظم العواصم الغربية، أن توزيع الأسلحة على القوات الأوكرانية يصبح أكثر صعوبة.

ماذا عن تداعيات هذا التصرف الأميركي؟

دفع تدفق الأسلحة وتصاعد جهود التدخل الأميركي في الاتصالات وشبكات الكمبيوتر الروسية، أحد كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي الى التحذير في حديث للصحافة ـ اشترط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الجهود الأمريكية العلنية والسرية لمساعدة أوكرانيا ــ من أن "التعريفات القانونية الأمريكية لمفهوم المشاركة في الحرب، ليست كتلك التي يؤمن بها بوتين".

فالرئيس الروسي نبّه، من أن أي دولة حاولت فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا ستكون "مشاركة في النزاع المسلح". وعلى هذا المنوال أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانا حذرت فيه دول "الناتو" مثل رومانيا من السماح باستخدام قواعدها كملاذ آمن للطائرات المتبقية في سلاح الجو الأوكراني. وأضافت إنه "إذا فعلوا ذلك، فإن أي استخدام لاحق ضد القوات المسلحة الروسية يمكن اعتباره تورطًا لهذه الدول في نزاع مسلح".

قبل 19 عامًا، عندما بدأت القوات الأمريكية باجتياح العراق، قال الجنرال ديفيد بتريوس عبارته الشهيرة آنذك "أخبرني كيف سينتهي هذا؟". والآن، ومع هذا الانخراط الأميركي الفاضح في المواجهة مع روسيا، فإن السؤال الذي يتردد صداه في البيت الأبيض حاليًا، هو كيف نخرج من هذا الصراع الذي قد يجلب لنا الكوارث؟