لازال الفلسطينيون متمسكين بتراثهم الأصيل، ومحافظين على هويتهم، رغم محاول الاحتلال الإسرائيلي الحثيثة لطمس هذا التراث بمختلف الأساليب، فسرقوا الزي الفلسطيني، والتراث المطبخي مثل (الفلافل والحمص)، وحتى سرقوا أسماء المدن والقرى والحارات، وصبغوها بمصطلحاتٍ إسرائيلية، بل والكوفية الفلسطينية لم تسلم من تلك السرقات، لكن هيهات امام الفلسطيني المتمسك بتراثه الأصيل.
اللاجئة الشابة سارة ياسر زيد والبالغة من العمر (27 عامًا) والتي هجرت أسرتها قصرًا عام 1948م إبان النكبة الفلسطينية من قرية لوبيا قضاء طبريا، إلى مخيم البرج الشمالي بلبنان، أصرت على حمل تراث بلادها وإحيائه من خلال "خيط وإبرة"، تعمل بهما على تطريز مختلف القطع والمطرزات التراثية.
الشابة زيد والتي أطلقت على مشروعها اسم "خيوط الحرية"، بدأت هذا المشروع بموهبة تمتلكها منذ الصغر، إذ ورثت هذه الموهبة من والدتها التي تعمل في مجال التطريز الفلسطيني، فعملت على تطريز الأثواب، والعباءات، ثم البراويز واللوحات، وصولًا للحقائب المطرزة بالخريطة الفلسطينية، وتحمل عبارات تؤكد تمسك اللاجئين بفلسطين.
تقول زيد: "أصبحت أتعلم يومًا بعد يوم المزيد من أنواع الغُرزات والرسومات الفنية، وكل رسمة أو غُرزة تدل على منطقة من المناطق الفلسطينية؛ على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتعتبر التطريز عالمًا آخرًا ترسم من خلاله صورة فلسطين، مرجعة ذلك إلى أن التطريز مليء بتفاصيل ومعانٍ مختلفة وشخصية للعديد من النساء الفلسطينيات.
أسمت مشروعها باسم "خيوط الحرية"، لم يكن هباءً كما تؤكد زيد، وإنما في إطار الانتماء للوطن والتمسك به، وصولًا إلى تحقيق حق العودة لكامل التراب الوطني الفلسطيني، والحفاظ على التراث طريقاً آخر للتحرير ونيل الحرية.
وعن سبب تمسكها بالتطريز والتراث الفلسطيني تقول اللاجئة سارة زيد: "التراث الفلسطيني ما زال حيًا في قلوب الفلسطينيين، وهو في ذات الوقت دلالة على تمسكهم بالأرض والهوية، ورموز القضية الوطنية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي طمسها وسرقتها".
وتلقى مطرزات اللاجئة زيد إقبالًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مخيمات لبنان، والذين يحلمون بالعودة لأرضهم ووطنهم.
تأمل هذه اللاجئة الشابة من الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة بأن يحافظوا على التراث الفلسطيني، وارتداء الثوب الفلسطيني في جميع المناسبات؛ كي تبقى القضية حية في نفوسهم.
وتختم زيد حديثها "الفن عمل مقاوم كما كل أشكال المقاومة في وجه المحتل الإسرائيلي الغاصب، وعلينا أن نقف جميعاً في وجه سرقة التراث الفلسطيني الذي يعبر عن هويتنا، وماضينا، وحاضرنا، ومستقبلنا".
هذا المشروع واحد من مئات المشاريع التي يطرحها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، على اختلاف أنواعها وأشكالها ومجالاتها الإبداعية والفنية والثقافية، كما وتعكس تمسكهم بحق العودة إلى فلسطين المحتلة، رغم الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يواجهونها.