غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر في ذكرى استشهاد الياسين.. لماذا نبكي رجالًا لا يزورونا ؟

شمس نيوز/ صابرين عزيز

قبل عامين، بينما كنت أجلس في محاضرة "العقيدة" بالجامعة الإسلامية، أخذ الدكتور يحيى الدجني يخبرنا عن رفقة الأسر، كلّفنا الحديث التخلي عن نصف المحاضرة عندما سمعنا اسم الشيخ، وبكل ما فينا من انتباه بدأ الفخر والذكريات تعود.

عادت الذاكرة للخلف، حدثان لم تستطع ذاكرتي التخلي عنهما، قبل 14 عام، بالتحديد وأنا في عمر الثامنة، استيقظنا صباحًا، وسمعت أصواتًا ثائرة تنتحب من المساجد لم أسمعها من قبل، عندما سألت أمي عن الأمر، قالت:" مات الشيخ!".

بالإضافة إلى حدث استشهاد الشيخ أحمد ياسين، كان أيضًا حادث موت ياسر عرفات، دون أن أعلم من يكون هذان الرجلان بدأت أشعر بالحزن، شعرت أنّنا أوشكنا على النهاية من انتحاب الكبار حولي، لماذا يبكون رجالًا لا يزورونا؟! كنت أتساءل باستمرار، حتى بدأت القراءة عنهما حتى أعرف لماذا خاف الآباء من موتهما؟! 

طردتُ الذكريات وعدتُ إلى دكتوري، وجدته وصل إلى "كان الشيخ يرهب السجانين، لم يكن يستطيع تحريك شيء من جسده، لقد شلّ بالكامل، وعندما يسأل الأسرى لماذا هو بالأسر، فمثله لا يستطيع القيام بأيّ عملية فدائية؟! كان السبب عقله"، وهكذا اعتقل الاحتلال الياسين أول مرّة عام 1983 بتهمة حيازة الأسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكري والتحريض لإزالة الدولة اليهودية حديثة العهد، وحكمت عليه بالسجن 13 عامًا.

خرج الياسين من الأسر عام 1985 في عملية تبادل أسرى بين "إسرائيل" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومع اندلاع الانتفاضة الأولى ازداد نشاط الشيخ، ما دفع قوات الاحتلال بالتفكير لإيقاف نشاطه، حتى ألقت القبض عليه مرّة أخرى بعد 4 أعوام من تحرره، والحكم بالسجن مدى الحياة بالإضافة إلى 15 عامًا.

وبموجب اتفاق بين الأردن و"إسرائيل" عام 1997 أفرج عن الشيخ، الذي اعجز الاحتلال رغم حادثٍ أصابه في شبابه أثناء ممارسته للرياضة نتج عنه شلل تام لجميع أطرافه، فعمل مدرسًا للغة العربية، والتربية الإسلامية، وأظهر قدراتٍ خطابية في العشرين من عمره، في المظاهرات التي اندلعت في غزّة احتجاجًا على العدوان الثلاثي عام 1956، حتى أصبح أشهر خطيب عرف في غزّة.

ولد الشيخ الياسين 28 يونيو 1936، من قرية الجورة المحتلة، أسس حركة حماس، وفي 22 مارس 2004 استطاعت طائرات الاحتلال الحربية اغتيال الشيخ خلال خروجه من المسجد فجرًا، بعد أدائه الصلاة في مسجد المجمع الإسلامي قرب بيته.

ومنذ ذلك اليوم، فجر استشهاده، ظلت المدينة المنتحبة –غزّة- جالسة قرب المسجد، بجانب قبره، في كل مكانٍ عبره، تنتظر شفة الأمل التي أحياها فيها، لعلها تستطيع العودة إلى سابق عهدها، عندما استقبلته لاجئًا ثم محررًا حتى شهيدًا داخل بطنها.